هل المرأة شريكة للرجل؟ الإجابة عن هذا السؤال بنعم تعني وقوفها معه على قدم المساواة في الحصول على الحقوق كافة التي تُمنح للإنسان في المجتمع المدني الحديث، وفي المقابل قيامها كما يفعل الرجل بكل الواجبات تجاه أسرتها ومجتمعها.
واقع تعامل البعض مع المرأة يدل على أن نظرتهم لها لا تتعدى بحال أن تكون تابعة للرجل؛ وبالتالي نصبوا أنفسهم أوصياء عليها من منطلق يقينهم بأنها قاصر ومصدر للفتنة وإغواء الرجال، وخوفاً عليها من الذئاب البشرية. هذه النظرة السوداوية للمرأة تخيلتها وكأنها أخطر نوع بشري يمكن أن يضر بالدين والمعتقدات ويحدث الفتنة؛ لذلك أجبر المجتمع على ترك كل قضاياه المصيرية والتفرغ فقط لهذه القضية المفتعلة التي لا تمثل أي إشكالية لدى جميع شعوب الأرض. فالمرأة بحسب الدين الإسلامي وكل المعتقدات الأخرى شريكة للرجل، وعلى قدم المساواة معه في الحقوق والواجبات معتقداً وتعليماً وعملاً وعطاء ومواطنة، ولو تم النظر لها وفق هذه الرؤية وكفلت لها كل حقوقها الدينية والمدنية بوصفها فرداً راشداً داخل مجتمع مدني متحضر لما أصبحت يوماً قضية كبرى تتعالى الأصوات بسببها ويسال الحبر دفاعاً عن حقوقها ومطالبة بإنصافها أو وقوفاً ضد تمكينها وإعلاء شأنها بوصفها إنسانة الفرق بينها وبين الرجل فارق فسيولوجي يرتبط باختلاف التكوين البدني؛ وبالتالي تباين الوظائف الحياتية، وهي اختلافات لا تعيق المرأة عن التعليم والعمل في كل مناحي الحياة ومشاركة الرجل في بناء وتوعية المجتمع وحل كل مشكلاته.
لكن للأسف بدلاً من اعتبار المرأة فرداً في منظومة مجتمع متجانس ومتكافئ حُوِّلت بفعل عوامل تاريخية وأيديولوجية إلى كائن يقض مضاجع البعض، وكأنه سيُنهب؛ لأنه كائن لا يملك الوعي الكافي، وسيكون عرضة للإغراء والتحرش والخطف من الذكور، وكأننا نعيش في غابة.
قراءة صفحات الإرث التاريخي القريب تكشف لنا محاولات إعاقة خطوات المرأة بدءاً من المطالبة بإغلاق مدارس البنات خوفاً من الفساد! تصوروا لو خضعت الدولة ومنعت تعليم المرأة كيف سيكون الحال؟ هل ستصل المرأة السعودية إلى ما وصلت إليه؟ - مجرد تصور لا أكثر لأني مؤمن بحكمة قيادة هذه البلاد - لو تصورت كيف سيكون الحال الذي سنصل إليه فلن يزيد عن الجهل والتخلف واستعباد المرأة؟
وصفحات أخرى تكشف محاربة عمل المرأة بالفكر ذاته عندما أُخرجت «الدلالة» كبيرة السن من دكانها المتواضع ورُميت على الرصيف تحت أشعة الشمس المحرقة ولسعات البرد الموجعة, وعندما جُيّش المجتمع للوقوف صفاً واحداً ضد عمل المرأة في المهن الطبية والصحية، والمشكلة الكبرى استخدام الدين والتحليل والتحريم في كل الحالات، رغم أن للدين الإسلامي رأياً صريحاً وواضحاً في كل ما يخص تعاملات المرأة متى ما التزمت بضوابط الدين، فلها أن تمارس حياتها بكل حرية.
واليوم تدور المعركة حول قيادة المرأة للسيارة رغم وضوح رأي الدين في هذه القضية المكررة، وكونها حقاً من حقوقها المدنية، لا يملك أحد حق التداخل فيه سوى الدولة مهما تعالت الأصوات، ويبقى الرهان على وعي المجتمع وتفهمه ومساعدته الدولة ضماناً لحسن التطبيق وتفادياً لوقوع إشكالات محتملة من بعض الجاهلين.
إذا قلبنا معادلة التعامل مع المرأة من حالة النظر إليها على أنها تابع إلى حالة كونها شريكاً في المجتمع فستُحلّ كل القضايا المفتعلة.
shlash2010@hotmail.com