في نظري ونظركم جميعا أن التحليل السياسي لأي قضية أو حدث أو ممارسة للعمل السياسي، يجب أن تترك (فقط) للمحللين السياسيين، كما هو الوضع للأحداث الاقتصادية وغيرها، أو كما يقول مثلنا الشعبي «أعطِ الخباز خبزه ولو أكل نصفه». وإذا ما تدخل في ممارسة السياسة (مع مزيد من الأسف) عامة الناس فإننا نتوقع أن النتيجة ستكون (فوضي وشغب وقتل وسرقة).. الخ، على المشهد السياسي في البلاد والجميع خاسر دون استثناء، كما تطغى الفوضى اليوم على إنجازات شباب 25 من يناير 2011م في مصر والذي ثار وصال وجال لمدة (18) يوما، وقدم الكثير من الشهداء والجرحى والمعتقلين، وماذا حققوا سوى رحيل مبارك؟ فهل بالفعل هذا ما أراده الشعب المصري؟
بدون أن تتغلب علينا العواطف، دعونا نناقش نتائج الثورة المصرية بالعقل...لا بالعاطفة عن دور حسني مبارك السياسي في مصر؟؟؟ لقد قدم مبارك إصلاحات سياسية في خطوة لم يقم بها أي رئيس مصري منذ سقوط الملكية في مصر، ومع ذلك فقد أنكر وتنكر البعض لهذه الإصلاحات المهمة التي غيرت إلى حد ما الحياة السياسية في مصر، وطالبوا بمطلب واحد وهو (رحيل) مبارك رغم قرب انتهاء ولايته التي كانت ستنتهي في سبتمبر من عام 2011م، ورغم تحمس المتظاهرين بأنهم يطلبون بمطلب (الديمقراطي) إلا أن مطلبهم الوحيد في نظري ليس ديمقراطيا أو دستوريا، فلم يتفق المعارضون الذين قدروا (بالملايين) في جميع مناطق ومدن مصر، لم يتفقوا على صيغة تؤدي بهم إلى التغيير الذي يطالبون به، وهاهو مبارك (يتخلى) بناء على إرادة الشباب فماذا حصل عليه الشباب المتظاهر من نتائج ترضيه ؟!
رغم خروج مبارك عن السلطة وكان خروجه برغبة شعبية كاملة، إلا أن التاريخ سينصفه ويترحم عليه شعبه عندما يحكمهم سلفه في الأيام أو الأشهر أو حتى السنوات القادمة، فمبارك له أخطاء وعنده عيوب ومن منا كامل؟؟ والكمال لله وحده سبحانه. ولكن مبارك للحقيقة والتاريخ كان بطلا من أبطال حرب أكتوبر 73م، ضحى لأجل مصر وشعبها كثيرا وجنّبها ويلات الحروب طوال (30) عاما أثناء حكمه رغم اشتعال معظم الدول التي تحيط بها بنيران الحروب وكسب لها من خلال علاقاته الدعم من الدول الشقيقة والصديقة وهاهم ملايين المصريين يعملون جنبا إلى جنب مع أشقائهم الخليجيين مكرمين ومعززين بسبب علاقات حكومة مبارك الوطيدة بالقيادات الخليجية، وهاهي الولايات المتحدة تقدم الدعم السنوي الذي يقدر بمليار ونصف دولار بسبب أيضا علاقات مبارك المتميزة مع قادة العالم.
كما قلت، أنا لست في مكانة الدفاع عن حسني مبارك أو غيره من القادة العرب أو غيرهم، ولكني أدعو أشقاءنا العقلاء من شعبنا المصري، ألا يتيحوا الفرصة أو يسمحوا لمصر التي طالما كان لها الدور القيادي في المنطقة المشتعلة بالاحتجاجات والمظاهرات ودورها الريادي في المنطقة العربية والذي يتفوق على غيرها أن لا تسمح لغير السياسيين أن يصدروا قراراتهم في الحياة السياسية في مصر، فيكون الاختصاص يقاد بغير أهله، فمصر تهمنا مثلما تهم المصريين تماما، وما يضرها يضرنا وما يسرها يسرنا وهذا رأيي الشخصي.
farlimit@farlimit.com