منذ أكثر من شهر والنواب العراقيون منشغلون في مسألة ميناء مبارك الكبير الذي قررت دولة الكويت إنشاءه على جزيرة بوبيان الكويتية، ويعتقد النواب العراقيون وبالتحديد عدد منهم وأكثرهم من القائمة العراقية التي يرأسها إياد علاوي، والقائمة المنشقة عنها «القائمة العراقية البيضاء» التي يرأسها حسن العلوي، يعتقدون أن الميناء الكويتي المزمع إنشاؤه سيؤثر على الميناء العراقي الذي يعتزم العراقيون إنشاءه ووضعوا حجر الأساس له منذ عدة سنوات إلا أنه لم ينفذ بعد.
الميناء العراقي سيكون على شبه جزيرة الفاو، وهو بالتالي سيكون مجاوراً للميناء الكويتي، وسيكون الاثنان على ممر بحري واحد، ولأن العراقيين يعرفون بأن الميناء الكويتي سيكون أكبر وأكثر تجهيزاً وأقرب إلى مياه الخليج العربي المفتوحة، فإنه سيجعل من الميناء العراقي عديم الفعالية ويحوله إلى ميناء ثانوي إن هو نفذ فعلاً..!!
الكويتيون يردون بأنهم يقيمون ميناءً على أرضهم، فجزيرة بوبيان كويتية، حتى قبل ترسيم الحدود الدولية مع العراق بإشراف الأمم المتحدة، وأن قرار إنشاء الميناء قرار سيادي لا علاقة بالعراق، خاصة وأنه لن يضر العراقيين بل سيدعم اقتصاد المناطق الجنوبية في العراق والأحواز بالإضافة إلى الكويت وأنه سيسهم في تنشيط التجارة بين الدول الثلاث مع الدول الأخرى وبالذات دول شرق وجنوب آسيا، والدول الأوروبية خاصة إذا ما نفذ مشروع القطار الأوروبي الذي يربط دولة الكويت بأوروبا عبر العراق مروراً بتركيا.
إذن لماذا الضجة في العراق؟ ولماذا الاعتراض على مشروع مفيد لكلا البلدين..؟؟!!
العارفون ببواطن الأمور يعتبرون تحرك بعض النواب العراقيين للاعتراض على الميناء الكويتي انعكاس للتجاذب السياسي الداخلي بين الحكومة والقوائم السياسية التي ورغم تمثيل بعض من رموزها في الحكومة إلا أنها تعمل على إحراجها لإسقاطها، تريد من وراء إثارة هذه المسألة إظهار نوري المالكي وحكومته وكأنهم يفرطون بسيادة العراق وأرض العراق ومياهه الإقليمية، وأنهم لا يستطيعون مواجهة «الاختراقات الكويتية» للسيادة العراقية..!!
الشيء الآخر الذي لاحظه المتابعون لهذه المسألة أن الذين يثيرون هذا اللغط هم في الأساس يعترضون على الحدود الدولية التي وضعتها الأمم المتحدة ويرون أن الكويت حصلت على أراض عراقية لأن النظام السابق لم يكن في وضع يجعله يرفض ذلك، وأن الوقت قد حان لتعديل هذه الحدود التي إن استجابوا لرغبة هؤلاء فإن الممر البحري الذي تقع عليه بوبيان سيكون من نصيب العراق.. وأن تنفيذ ميناء مبارك الكبير سيجعل الأمر منتهياً من خلال مبادئ الأمر الواقع، ولهذا فإنهم يرون في مسألة إثارة إنشاء الميناء مقدمة للحديث عن تعديل الحدود..!!
jaser@al-jazirah.com.sa