هذه الحشرة تتكاثر بطريقة تثير أعصاب المزارعين وبخاصة أصحاب بساتين النخيل، فهي تبيض في المرة الواحدة مابين 250 إلى 500 بيضة وتفرقها بين مواقع تختارها في أماكن خفية وقاتلة تتلف النخلة قبل أن يكتشف الفلاح الإصابة، وتستثمر هذه الحشرة نشاط الرياح فتطير مع الهواء لمسافات بعيدة حيث تنمو النخيل فتحط عليها وتخزن بيضها دفعات موزعة على محطات رحلة طيرانها.. هكذا قالوا عنها، واستقيت هذه المعلومات من مزارعين تواصلوا معي معبرين عن قلقهم المتزايد من انتشار هذه السوسة الفتاكة التي لا ترحم بين نخيلهم، وعجزهم عن فعل شيء يمكن أن يقضي عليها، ففي محافظة البكيرية على سبيل المثال حيث يبدو أن الحشرة قد بدأت هجوماً كاسحاً على نخيلها وبساتينها؛ يقول عدد من المزارعين إن المكتب الزراعي في محافظتهم يرغب في تقديم الخدمة والتعاون معهم في التصدي للحشرة غير أنه فيما يبدو عاجز عن المواجهة، لماذا ؟! لأنه لا يملك الآليات والعمالة الكافية لمواجهة أمواج من السوس الأحمر لاسيما إذا كان المشرف الزراعي يتوجه للعمل للمكافحة بسيارته الخاصة وبرفقته عاملان فقط ويعبر طرقاً وعرة بين مئات المزارع التي تضم آلافاً مؤلفة من النخيل التي تنتج أفخر التمور ما أقيامه تصل لمئات الملايين في هذه المحافظة فقط.. وما هي آلياتهم؟ يقول المشرف إنه وعماله الخمسة أو الستة إذا ما أضفنا أربعة عمال تطوعت البلدية لتفريغهم مؤقتاً للعمل مع فرقة المكتب الزراعي وهي تبدلهم بين فترة وأخرى وهذه مشكلة كما يقول المشرف لأنه كلما درب عمالاً تم استبدالهم، ويعود ليقول إن عدتهم (محش) ومسمار طويل، المحش لاقتلاع الكرب والمسمار لنبش السوسة واقتلاعها من مكمنها، ويؤكد بعض المزارعين إنهم يجتهدون لحماية ثروتهم حتى لو اضطروا للقروض والاستدانة وعذرهم في ذلك أن الزراعة تشترط أن يكون الإشراف على المكافحة عن طريقها رغم ضعف الإمكانات، ويفيدون أن بعض الحشرات لا تموت بالرش العادي للمبيد وينشط من جديد للتبييض وإتلاف النخيل.. إذا كان العمل بهذه الصورة البدائية والمعدات والآليات معدومة والرش مفقود والمشرف يعمل على سيارته الخاصة بين مئات المزارع التي تضم مئات الآلاف من النخيل وبنوعيات ممتازة، فكيف يمكن مكافحة هذه السوسة العاتية بهذه الإمكانيات المتدنية، والمزارعون قلقون بالفعل على محصولهم ونخيلهم التي ربما تهلك إن لم تتدارك الجهات المسئولة أمرها، بتجنيد عشرات الفرق المجزة بالآلات والمرشّات المتطورة وبالأيدي العاملة الماهرة ذات الخبرة والمعرفة، حتى لو استدعى الآمر التعاقد مؤقتاً مع شركات متخصصة للمكافحة، فهذه ثروة وطنية مهددة بالتلف وبالتالي فقدان الملايين وضياع جهود المزارعين الكادحين وأموالهم التي خسروها على مزارعهم ونخيلهم، لا أشك أن المكاتب الزراعية والوحدات والمديرية لن تقصر في خدمتهم غير أن الواضح من قلق المزارعين وتشكيهم ومن إفادة المشرف أن هناك فجوة بين المزارعين والمكاتب الزراعية يمكن أن تعمل الجهات المختصة بالقصيم على سدها وردمها بطرق التعاون المثمر الذي يزيد المزارع قرباً وفهمًا لجهودها والاستفادة منها.