شعور الأمومة جذبني في الأيام الماضية لتتبع قصة طفل معاق، وجدت الكثير من الأخبار عنه وحرك في داخلي كل مشاعري كامرأة وأم بين الزهو بأن يكون بيننا نماذج مشرفة بهذه الصورة وبين الخوف عليه من النسيان. بحثت عن تاريخ هذا الطفل بعد أن شاهدت صوراً له وهو يحمل صور خادم الحرمين الشريفين، والأمير سلطان بن عبدالعزيز، والأمير سلمان بن عبدالعزيز، -حفظهم الله- فلم أصدق حينها أنه معاق مصاب بشلل نصفي ويعاني من صعوبات في التعلم شفاه الله.
اسمه عبدالرحمن حسن الحمدان، وأعتقد أن الكثير من قراء هذه السطور سمعوا عنه، ولمن لم يسمع عنه، فهو طفل قادته الصدفة لأن يكون بطل العالم في السباحة حين ذهب بصحبة والده لأحد المسابح فبدأ قصة عشق مع هواية، قال عنها والده: إنها أصبحت ملاذاً في عالم يشعر بالعزلة فيه وأكسبته ثقة لا متناهية بالنفس، حتى حقق لبلاده ما لم يحققه الأصحاء ذوو الملايين من اللاعبين.
بجهود مسئولة من والده وبعض المدربين تمكن عبدالرحمن من أن يتعلم السباحة وأن يصعد اسمه عالمياً، بعد أن حقق عشرات الميداليات الذهبية محلياً ويصل لبطولة العالم في الصين ويحقق ذهبية العالم دون منافس، كونه الوحيد من بين أقرانه في العالم، وعرفت من أسرته أن أي بطولة عالمية يدخلها سيحققها لأنه بطل لا مثيل له. حتى أن عبدالرحمن شارك حسب ما عرفت في مسابقة بحرية لمدة ثلاثة كيلومترات في عرض البحر كأول معاق يشارك الأسوياء هذه التجربة ونجح في اجتيازها. ويؤكد والده الذي احتل يوماً ما منصب القائد العالمي للأسر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من الأولمبياد الخاص الدولي نظير ما اكتسبه من معرفة وتحقيقه للإنجازات مع نجله البطل كما قرأت في لقاء معه، أن بمقدور أي أسرة أو منظمة تؤمن بقدرات ذوي الاحتياجات الخاصة أن يفجروا إمكانات هائلة ولكن يحتاجون للعناية والتوجيه.
لم يشارك عبدالرحمن في بطولة دولية منذ عامين ولن يشارك في بطولة العالم الجديدة في أثينا، بحثت عن السبب ولم أجد إجابة وقرأت كذلك أن لدى والده برامج تطوعية ولا أعلم لماذا لم تطبق، ولكن والده يذكر أن ابنه وجد اهتماماً خاصاً من جمعية الأطفال المعاقين وتكريماً شخصياً من الأمير سلطان بن سلمان، ولكن ماذا عن اتحاد ذوي الاحتياجات الخاصة والذي اعتبره أهم اتحاد رياضي بأهداف أسمى مما تشغله الاتحادات الأخرى من أوراق الصحف بنتائج مخزية ومخيبة.
تحلم أسرة عبدالرحمن بمن يتبنى صغيرها ويساهم في علاجه بأحد المراكز العالمية، وارمي الكرة هنا في ملعب الشركات التجارية التي ترمي الملايين على كرة القدم، أين حق هذا البطل الصغير وأقرانه من برامجكم، ألا تحرك مثل هذه القصص البطولية بما تحمله من إنجازات وطنية مشاعركم لرعايتها؟ وتذكرت هنا منتخب ذوي الاحتياجات الخاصة الذي حقق كأس العالم لمرتين متتاليتين وقرأت تقارير عن أوضاع مأساوية يعيشها هؤلاء المساكين رغم أنهم حققوا ما لم ولن يحققه الأسوياء من ذوي العقود التي تصل إلى الملايين.
عبدالرحمن وأقرانه بحاجة لوقفة وطنية صادقة للنظر في أحوالهم ودعمهم وعلاجهم ورعايتهم اجتماعياً واقتصادياً، وأنا على يقين أن هذا الوطن يزخر بالمواهب، ونحتاج لقلوب رقيقة فقط قادرة أن تساهم مع أسر عانت لسنوات، كما في حالة عبدالرحمن الذي يدرس في مدرسة عالمية على حساب أسرته وتحلم هذه الأسرة أن يتحول ابنها يوماً لمدرب في السباحة.
وأنا بمشاعر الأم أقول لك يا عبدالرحمن، أنا فخورة بك وبأسرتك، ولدي ثقة أن مستقبلك سيكون أجمل بإذن الله، ولكن نحتاج لمن يقول أنا لها.
www.salmogren.net