في الوقت الذي تسعى فيه الشعوب إلى توفير حاجياتها من الموارد الأساسية للبقاء والعيش بكرامة، ومن أهمها تنمية الموارد الغذائية وتحسين مصادر المياه والطاقة، في هذا الوقت الذي يسعى فيه الجميع إلى زيادة حصته من الغذاء والماء والطاقة يتواصل سباق التسلح في العالم مهدداً باستنفاد الإمكانيات المادية والاقتصادية للدول، ومحوِّلاً تلك الإمكانيات لشراء الأسلحة وتطويرها وتكديسها في المخازن، وهو ما يزيد من مخاطر نشوب نزاعات مسلحة يثيرها من يصنعون هذه الأسلحة من أجل بيع المزيد منها واستبدال المستهلَك منها على حساب توفير مبالغها لتوفير الغذاء المناسب والحياة المعيشية المعقولة للشعوب.
ومع تناقص كميات إنتاج الأغذية، خاصة في المواد الأساسية كالحبوب والماشية بسبب الجفاف ونقصان المياه، نجد زيادة ووفرة في تصنيع الأسلحة، وبخاصة الأسلحة النووية؛ فقد أوضح معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام في تقرير لعام 2011م، الذي صدر أمس، أنه رغم التخفيضات المعلنة للأسلحة النووية إلا أنها لا تزال تهدد العالم. موضحاً أنه قد قابل التخفيضات المعلنة لهذا النوع من الأسلحة تعويض بتحديث وتطوير وتنويع القدرات المتقدمة للصواريخ الحاملة للرؤوس النووية؛ فأصبحت أكثر قدرة على إحداث مزيد من الدمار والقتل. ويجثم على صدر الكرة الأرضية 20500 رأس نووي، تملكها ثماني دول، هي (روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا والصين والهند وباكستان وإسرائيل). هذه الدول الثماني خمسة منها موقِّعة على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، في حين لا تزال الهند وباكستان وإسرائيل خارج هذه المعاهدة، وبذلك لا يُنتظر منها تخفيضٌ فيما تمتلكه من أسلحة نووية بل تصنيع المزيد منها وتطويرها.
وهكذا فإن العالم سيظل مشغولاً ومهتماً بالإنفاق على إنتاج وتصنيع الأسلحة، بما فيها أسلحة الدمار الشامل، فيما يتقاعس عن إيجاد حلٍ لنقص الغذاء وتقليص الفجوة التي تتسع دوماً بين الأغنياء والفقراء على نطاق الدول.