الخمسينيون مثلي يعرفون أن الرياضة في الماضي كانت في عرف المجتمع السعودي مثلمة تتجنبها العوائل الكريمة ولا يرضونها لأبنائهم.. وهذا هو العرف الذي حاول الملوك نفيه وتصحيحه منذ عهد الملك سعود -رحمه الله- الذي كان يحضر المباريات وأقيمت في عهده أول بطولة مناطقية.. ثم تقدم الملك فيصل خطوة جبارة بتعيين ابنه مديراً لإدارة رعاية الشباب إحدى إدارات وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.. وكان بذلك يريد أن يقول إن الرياضة نقية نظيفة مشرفة وها أنذا أضع ابني على رأس هرم هذا النشاط.
ثم صار هذا المسلك عرفاً تبعه ملوك وأمراء وشيوخ ورؤساء بقية الدول العربية وذلك بتعيين أبنائهم مسؤولين عن الرياضة.. ولعل من هم في سني يذكرون أيضاً أن رئاسة رعاية الشباب إبان تأسيسها في منتصف السبعينيات الميلادية تم زيادة (30%) على أصل الراتب لمن يعمل فيها.. تشجيعاً للكوادر المؤهلة للانضمام لها.. هذه مقدمة لا بد منها للوصول إلى ما أريد الوصول إليه وهو أن المشكلة في أصلها وعمقها هي في النظرة المجتمعية التي دفعت كل من يرى في نفسه كفاءة أن ينأى بنفسه عن الرياضة والمتصلين بها.. وهنا في رأيي بيت القصيد ومكان العقدة المطلوب حلها للتقدم.
اليوم الرياضة صارت أحداثها أحداثاً وطنية.. وهي أحد المعايير التي يقاس بها تقدم الأمم.. وهي من معايير جودة بيئة الحياة والعمل.. نعم إنها أحد معايير الجودة.. وهذا ما اتفق عليه العالم.. فكرة القدم مثلاً هي الغذاء اليومي للأفواه.. لأنها تمس مشاعر التفوق والمنافسة والحضور والعنفوان لدى المجتمع.. وهو شعور يكتنف كل فرد وبنتائج فورية.. والآن دعونا ندخل في موضوعنا وهو الكفاءة وإليكم أمثلة:
على المستوى التنظيمي: علامَ يدل أن كل نادٍ في المملكة لا زال لا يعرف عدد بطولاته التي حققها في تاريخه القصير.. وصار كل نادٍ يدعي البطولات التي يريدها.. ووقفت الرئاسة موقف المتفرج.
على المستوى التقني: حُجب موقع الرئاسة على الشبكة العنكبوتية أكثر من مرة ثم أوقف ثم أعيد تصميمه ثم أوقف.. بل إن هيئة الإحصاء في الفيفا ارتكبت أخطاء فادحة بحق الرياضة والرياضيين السعوديين بسبب أخطاء الموقع.
على المستوى الفكري: هل تذكرون التعويذة التي اتخذها المنتخب السعودي في كأس العالم في ألمانيا عام (2002م).. أي بعد أقل من عشرة أشهر من أحداث (11) سبتمبر.. لقد كان صقراً منقضاً من السماء على كرة يغرس فيها مخالبه.. ولو لم نكن نعرف أننا حكومة وشعباً ضد العمل الإجرامي الذي ارتكبته القاعدة لقلنا إن التعويذة هي اعتراف وافتخار منا بذلك.. وللأسف ففي أول مباراة نتلقى الضربة التي أدخلتنا التاريخ الرياضي العالمي بتلقي أكبر هزيمة في تاريخ الأولمبياد.
على المستوى التربوي الوطني: المتابع للمحللين الرياضيين السعوديين يجد أنهم يرفضون ربط الوطنية بالتشجيع حتى يبرروا لأنفسهم تشجيع نادٍ غير سعودي ضد نادٍ سعودي.. وكأنهم لا يدرون أن الوطنية ملة واحدة حتى ولو كانت في الرياضة.
نعم المشكلة في الكفاءات.. أعان الله أميرنا الشاب على علاجها.