كالذي يمسك بالماء، وكالذي يتكلم وفي فمه ماء, وكالذي يكبل بالقيد ثم يرمى في البحر ويطلب منه العوم..
حال هؤلاء الناس في مسار حياتهم ومعاشهم.. يمسكون بأمور وتفلت منهم كما يفلت الماء من الأصابع والكف..,
ويملكون ما يقولون غير أنهم يعجزون عن الإفضاء، إما لأنهم يشعرون لكن لا يدركون بماذا يشعرون، أو يدركون لكنهم لا يحسنون التعبير، أو يحسنون التعبير غير أنهم يخشون الخطأ، أو النقد، ويعرفون السباحة غير أن ما يعيقهم عنها إلا قيود من حياء، أو خوف، أو عجز...
الناس تتراكض للكلام أكثر من الحث للأفعال.., والناس أغلبها, تتوهم المعرفة وتغرق في ضحالة الجهل.., والناس أكثرها، تتكسب بالفضائح وإدعاء الصدق في قول, يوسم بالحقائق، بينهم ضاع مفهوم الستر، وفيهم من نسي وعد الله للمسرفين على أنفسهم بالهداية بعد الإنابة، وبالمغفرة بعد التوبة..
اختلطت حبال الدنيا، وتاهت عنهم طرق الآخرة، لأن التنشئة الإيمانية لم تعد إلا في دور التقليديين، الذين هم في نظر الفئات الغالبة «مكانك سر» لا يتقدمون ولا يتطورون...
السعي لزج الصغار في مدارس تغربهم بلغاتها ومناهجها ديدن التطور ومواكبة العصر، بينما الحرص على تعليم القرآن وتحفيظه من شأن المديرين ظهورهم للعصر..
شؤون الناس بما فيهم المبدعين، والمفكرين، والكتاب، والإعلاميين شؤون مختلطة، تراكمت في قيعان الأذهان عنها خبرات هشة، ومعرفة متسطحة، ..التفريط سمة الواجهة، وسوس اللباب...
كثيراً ما يضع المرء يده فوق أذنيه، وعينيه ويسأل الله النجاة من غوغاء الحياة واضطراب الناس في شؤونها على مستوى الأرض..
كل يحمل همه وعسى أن يكون أوله تقوى الله ومرضاته.