لم يحتل أحد هذه المكانة من قبل ابن خميس بين قلوب محبيه، ومن استفاد بتجاربه الإعلامية، كما روت ابنته الأستاذة أميمة خميس فيما نُشر لها في صحيفة الجزيرة، أنها كانت لا تراه إلا وهو ممسك بكتاب يقرأ فيه، ويطلع على كل شاردة وواردة في الحقل الثقافي، لذا لم يكن غريباً في اللقاء الذي عُقد أخيراً في نادي الرياض الأدبي بمناسبة صدور وتدشين كتاب صحيفة الجزيرة عنه أن يشيد المجتمعون بما قام به ابن خميس من خدمة للمعرفة الإنسانية، ورفع اسم المملكة، بدءاً من إنشائه صحيفة الجزيرة، ومروراً بالكتابات الراقية التي أدخلها قلمه إلى المكتبة العربية، فجميع من عاصروه شهدوا بنبوغه وذكائه.
لقد فقدت المملكة العربية السعودية بوفاته يوم الأربعاء 18 مايو 2011م، عالماً جليلاً، ورجلاً من التاريخ الثقافي الإسلامي، ومن رجال الأدب في اللغة والشعر العربي الأصيل، وواحداً من كبار رجال الإعلام والصحافة منذ أطوارها الأولى على أرض المملكة العربية السعودية في وقت كان الإعلام أمراً مهماً وضرورياً تضعه الدول في طليعة أولوياتها، وأصبح مستوى نجاح الدول في تحديث إعلامها باعتباره أحد أهم مقاييس التقدم وملازمة حضارة العصر، لما له من أهمية وأثر على الفرد والمجتمع السعودي، وفي وقت أصبحت (الكلمة) هي الأساس ومن ضرورات الدولة الحديثة، وقد أصبح الإعلام في شبه الجزيرة العربية هدفاً ووسيلةً ملزمة لقيام الدولة.
إنه الشيخ عبدالله بن خميس من مواليد محافظة الدرعية عام 1339هـ وتوفي عن عمر يناهز (93) عاماً، وهو صاحب مؤلفات تاريخية تراثية وأدبية، (ومؤسس مجلة الجزيرة) قبل نصف قرن ميلادي ثم أصبحت جريدة يومية من كبريات الصحف السعودية في صفر 1384هـ الموافق شهر يونيو (حزيران) 1964م، وأصدر جريدة (المسائية) في محرم 1402هـ الموافق نوفمبر (تشرين الثاني) 1981م، وقد توقفت (المسائية) منذ سنوات مضت.
وقد كان عبدالله بن خميس من أوائل من نشر الثقافة العلمية التي يراها كثيرٌ من المهتمين اليوم أمراً ملحاً في حياة الناس. فنجده إلى جانب اهتمامه بالبحث العميق المستغرق في مجاله، يسعى إلى إنشاء مجلة تصبح فيما بعد جريدة ما زالت تُنتظر كلَّ صباح من قرَّائها في أنحاء الأرض. وإنشاء مثل هذه الوسيلة التي هي الأكثر انتشاراً والأسرع وصولاً إلى القراء في عصره، ليس بالأمر اليسير الهيِّن.
- القصيم