تسعى الأمم الناهضة إلى تكريم فئة من أبنائها المبدعين الذين ساهموا بكل اقتدار في تنمية الفعل الحضاري بكل أبعاده الثقافية والفكرية والإنسانية. والتكريم رمز وعرفان وعربون وفاء ورسالة إنسانية إلى كل أولئك الذين جعلوا الوطن في قلوبهم نبضاً والعقيدة شرياناً؛ فأخلصوا وقدموا لهذه الأمة ما يخلد ذكراهم.
ولقد حرصت وزارة الثقافة والإعلام، ممثلة في وزيرها النشط معالي الدكتور عبدالعزيز خوجة، على تكريم عدد من المبدعين، في مجالات العلم والأدب والثقافة، من أبناء هذا الوطن المعطاء. ومن بين حفلات التكريم التي أقامتها الوزارة مؤخراً حفل تكريم المؤرخ الأستاذ سعد بن عبدالرحمن الدريهم في يوم الخميس 19-4-1432هـ بمدينة الدلم، الذي حضره عدد من الأمراء والعلماء والأدباء والمسؤولين ومحبي المحتفى به، وكان حفلاً بهيجاً مميزاً بكل المقاييس، وكان له أصداء واسعة إيجابية، وذلك بفضل الله وكرمه ثم بفضل حسن الإعداد والترتيب والتنظيم من قِبل اللجنة المنظمة للحفل. ولقد سمعنا في هذا الحفل عدداً من الكلمات التي تؤكد أن الأستاذ سعد الدريهم كان شمعة في سماء الإبداع، وكان نجماً يتلألأ في سماء الوطن، وهو اسم لا يُنسى، وقد أعطى الكثير، وأفنى عمره؛ ليترك بصمة تؤكد إبداعه وتألقه.
فالتكريم مبدأ حضاري، وكلما كان في وقته المناسب كان له الأثر الطيب للمبدعين، فإذا كان على رأس العمل فسيكون بمنزلة الوقود المجدِّد لديناميكية عطائه وإنتاجه، ويكون حافزاً؛ ليقدم مزيداً من الإبداع، وتفجيراً لطاقته الإبداعية بشكل أوسع وأكثر تشعباً وثراء، وإن كان قد تقاعد أو استقال فالتكريم وفاء وعرفان تلتقي عيناه به صباحاً ومساء، ويزداد فخراً بأنه كُرِّم دون أن ينتظر التكريم؛ وعلى هذا أقترح على مقام وزارة الثقافة والإعلام أن يتم تكريم المبدعين في شتّى المجالات، وهم في أوج عطائهم؛ لكي يوقظ التكريم فيهم حوافز العمل من جديد، ويشعرهم بأن إنجازهم له قيمة. أما أن يأتي التكريم متأخراً في أرذل العمر ووهن العظم، وإن كان يحوي لفتة إنسانية مهمة، فإن الثمار المرجوة من التكريم والتحفيز حينئذ تصبح دون جدوى، كما قال الشاعر محمود بيرم:
أتت وحياض الموت بيني وبينها
وجادت بوصل حين لا ينفع الوصل
وفي الختام أُكرِّر شكري وتقديري باسمي واسم أفراد أسرة الدريهم كافة لوزارة الثقافة والإعلام، ممثلة في وكيل الوزارة المساعد للإعلام الداخلي المشرف العام على المكتبات الدكتور عبدالعزيز العقيل ومدير مكتبة الدلم العامة الأستاذ عبدالله البسام، على تكريم الأخ سعد الدريهم. وأسأل الله أن يحفظ لهذه البلاد قائد مسيرتها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز والنائب الثاني الأمير نايف بن عبدالعزيز، وأن يحفظ بلادنا من كيد الكائدين ومن شر الحاسدين، إنه سميع مجيب الدعوات.