هناك خلقٌ سيئ، نلمسه - مع الأسف - عند بعض الناس، وهو خلق ازدراء الآخرين، والتفاخر المذموم بالحسب والنَّسب، والانتقاص من أقدارهم، وما علم صاحب هذا الخلق السيئ، أنّ هذا يُعَد في الأساس منقصة فيه، وضعفاً في شخصيته، ووهماً وغروراً مصاباً به فهو «مسكين»!!، وإلاّ فأين هو من قول الله تعالى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}؟! وكم وقفت عند ما قاله أبو ذر رضي الله عنه «إنه كان بيني وبين رجل من إخواني كلام، وكانت أمه أعجمية، فعيّرته بأمه، فشكاني إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلقيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال - يا أبا ذر إنك امرؤ فيك جاهلية». - ومع الأسف مرة أخرى - أنّ الجاهليين بيننا اليوم كثير، نراهم في انتفاخاتهم في المجالس، وهم من الداخل «فشوش» ولكنهم لا يرون أنفسهم المنتفخة «على الفاضي»، وهم ينظرون إلى الناس بعين فيها احتقار، ونسوا أنّ نظرة الآخرين لهم لا تختلف عن نظرتهم، مثل الذي فوق قمة الجبل، حينما يطل على الناس من ذلك العلو الشاهق، فيرى من تحته من الناس صغاراً، ونسي أنّ من هم تحت الجبل، يشاهدونه - كذلك - مثل النملة وأصغر وهو في القمة!!، فليس هناك أعظم من أن يبادل الإنسان الآخرين الاحترام والتقدير، فلن ينال في المقابل إلاّ الاحترام والإعزاز، أما من يرى أنّ نسبه، أو حسبه، أو لون بشرته، أو منصبه أو مسمّى شهادته، أو مسكنه، يميِّزه على الآخرين «بدرجة»!، فهو «غلطااااان»!! ويجب أن ينال شفقتنا قبل أن يناله احتقارنا لسوء فعله، وصدق الشاعر:-
كن ابنَ من شئت واكتسب أدباً
يغنيك محمودُهُ عن النسب
ولعلّني أختم هذا المقال بما قاله زين العابدين بن علي بن الحسين بن علي رضي الله عنهم وأرضاهم للأصمعي: يا أصمعي، هيهات، هيهات، إنّ الله تعالى خلق الجنة لمن أطاعه، وإن كان عبداً حبشياً، وخلق النار لمن عصاه، وإن كان ملكاً قرشياً، أما سمعت قول الله تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ}.