|
في السادس والعشرين من جمادي الآخرة عام 1426هـ اكتمل عقد المسيرة، وتوافد الناس لبيعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - وهم مؤمنون بأن بيعته إنما هي عقد اجتماعي، يتوحد فيها القلب والعقل بهدف الحفاظ على العهد والميثاق.. وفود داخل المملكة وخارجها هبّت هبّة رجل واحد؛ لتُظهر تلاحم الأسرة السعودية حول قيادتها، ولتكشف للقاصي والداني أبهى أطياف الوحدة والإخاء بين أبناء الشعب الواحد.. سنون ست رسم مدادها - حفظه الله - بخطى الشريعة الإسلامية السمحة والتنمية الشاملة، وجعل وجهتها شعباً أبياً لم يرده القائد إلا أن يكون وفياً لدينه، وقيادته، ووطنه..
وتبدأ مع البيعة مسيرة النماء والعطاء؛ حيث شهدت المملكة منذ مبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود في 26-6-1426هـ منجزات تنموية عملاقة ذات بُعد شمولي أحاطت بمختلف القطاعات: السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والتعليمية، والثقافية، والصحية، والصناعية، والتجارية، والعمرانية، والأمنية، والنقل والموصلات، والكهرباء.. وهي بمجملها منجزات تنموية يرفد كل منها الآخر نحو بناء الوطن والمواطن، ولا غرو فقد تجاوزت المملكة بجهود خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين السقف الزمني المعتمد في الإنجاز التنموي في شتى المناحي.
أما التعليم العالي فقد حظي في فكر واهتمام خادم الحرمين الشريفين - أيده الله - بأولوية مميزة؛ لإيمانه بأنه أساس النهضة والتطور، ولإحساسه بأنه لن تكون هناك نهضة حقيقية مع غياب مسيرة التعليم، ولذلك كان وما زال - حفظه الله - يردد دائماً أن الوطن يُبنى بعقول وسواعد أبنائه المسلحين بالعلم، فها هي مسيرة التعليم في عهده تمر في عصرها الذهبي ضمن تطور مستمر؛ إذ لن يهدأ له بال حتى يرى بأُمّ عينيه اللحظة التي تصبح فيها كل مرافق الوطن ومؤسساته تُدار بكوادر وطنية مؤهَّلة، ولنظرته الثاقبة التي ترى أن مسيرة التعليم لا حدود لها؛ فقد أمر - أمدّ الله في عمره - بأن تمدد فترة برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، الذي يستفيد منه ما يقارب مائة وعشرين ألف طالب وطالبة من أبناء وبنات الوطن في أفضل الجامعات العالمية، التي شملت جميع قارات العالم - ولله الحمد -. هذه هي شيمة خادم الحرمين الشريفين في النهضة والبناء لتهيئة الأرض المعطاء، فسيلة يزرعها بيديه ليخضر بها الوطن ضمن إنجازات علمية وتعليمية ديدنها تواصل العطاء والنماء.
إن النهضة التعليمية في عهد خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - قد أثمرت إلى حد كبير في انبعاث اليقظة الفكرية والنهضة الأدبية الشاملة في المملكة؛ فأصبح للمدرسة وللجامعة الدور المبرز في تنمية المهارات، وصقل المواهب، واكتساب الخبرات، وازدياد المعارف، واتساع الآفاق، وتلاقح الأفكار، والانفتاح على الثقافات الأخرى، والإفادة من بعض معطياتها..، والمورد في كل ذلك ثقافة تراثية أصيلة، مادتها التعاليم الإسلامية السمحة دون المساس بتقاليدنا وأعرافنا.
إن مبدأ حب الوطن الذي أشعل جذوته خادم الحرمين الشريفين في نفوسنا لا ينكره عقل، ولا يرفضه لبيب؛ لأنه انتماء فريد، وإحساس راقٍ، وتضحية شريفة، ووفاء كريم.. إنه حُبٌّ سام يمكن غرس معانيه في نفوس أبنائنا من خلال ربط أبناء الوطن بدينهم، وتنشئتهم على التمسك بالقيم الإسلامية، وتوعيتهم بالمخزون الإسلامي في ثقافة الوطن باعتباره مكوناً أساسياً له.
ونحن إذ نحتفل اليوم بالذكرى السادسة للبيعة فنحن نُقدِّم العهد والولاء لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود والنائب الثاني صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود - حفظهم الله -، ونُجدِّد لهم البيعة، انطلاقاً من قول الله تعالى: أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ .
* وكيل جامعة الجوف