كان الشيخ عبدالله بن خميس -يرحمه الله- من رواد الصحافة في المملكة العربية السعودية وأديباً بارزاً ألف عدة كتب في الرحلات والشعر والأدب وسأتناول في هذه المقالة علاقتي به كرئيس لي في العمل وأستاذ علمني أصول الصحافة ويعود ذلك إلى أوائل الثمانينات من القرن الماضي والمصادف لعام 1963م فبعد تعييني مديراً عاماً للموانئ بوزارة المواصلات وكان شيخنا -يرحمه الله- وكيلاً للوزارة وجدت منه المساندة في بداية عملي.وبعد مرور أشهر قليلة طلب مني الحضور إلى بيته الواقع بشارع جرير بمدينة الرياض آنذاك وحدد الوقت بعد صلاة العصر ولم أسأله عن السبب وكنت أعتقد بأنه عن عمل يخص الوزارة ولكن بعد حضوري إلى بيته لاحظت أن صالة الاستقبال بها عدد كبير من بعض وجوه المجتمع ومنهم الكتاب والتجار أذكر معهم الأستاذ عثمان الصالح والشيخ عبدالعزيز بن مسند وصالح العجروش ومحمد العبدكريم -يرحمهم الله- وحمد الشاوي ومحمد بن عباس وعبدالرحمن المعمر وعبدالعزيز السويلم وعبدالعزيز التويجري وغيرهم، ممن لم تسعنفي الذاكرة بأسمائهم وبعد السلام والمجاملات شرح لنا الشيخ ابن خميس عن الهدف من الاجتماع بنا وشرح بأن معالي وزير الإعلام الأستاذ جميل الحجيلان أبلغ أصحاب المجلات والجرائد في المملكة أن قانوناً لتنظيم الصحافة سوف يصدر قريباً لتنظيمها للأحسن (نظام المؤسسات الصحفية) وهذا الأمر يتطلب من أصحاب هذه المطبوعات أن يختاروا عدداً ممن لهم خبرة في الصحافة أو يحملون شهادة علمية أو مارسوا الكتابة في مجالات عدة وأن يكون هدف المطبوعة خدمة المجتمع من توعية دينية واجتماعية ووطنية وأن يتم تطوير المطبوعة من أرباحها كالإعلانات وإعانة الدولة والمبيعات في شراء مطابع وإقامة مبنى لها وفتح فروع لها في عدة مناطق وأن يكون العضو مساهماً وليس له حق بأكثر من صوت واحد مهما بلغت مساهمته خلال الجمعيات العامة للمؤسسة وأن ينتخب مديراً عاماً ورئيس للتحرير ولجان للمراقبة للأوراق المالية والتحريرية.فرحب الجميع بالفكرة وأبدوا استعدادهم فتم توزيع المناصب على النحو التالي:الشيخ عبدالله بن خميس مديراً عاماً الأستاذ عبدالعزيز السويلم رئيساً للتحرير فيصل الشهيل نائباً للمدير العام وكان مجموع المبالغ لا يزيد عن ثلاثين ألف ريال بنسبة متفاوتة وفي البدء استئجار شقة تابعة لأمانة مدينة الرياض في الصفاة وتقرر بعد عدة اجتماعات أن تستمر جريدة الجزيرة أسبوعية مؤقتاً إلى حن توفر المبالغ اللازمة لإصدارها يومية وكان لتحركات واتصالات ابن خميس الأثر الأكبر في نشاطنا وحماسنا وكنا مجموعة نخطط للإصدار الأسبوعي ومن ثم اليومي كعدد الصفحات والأبواب ونوع الورق وفتح مكاتب وتعيين محررين والاستعانة بكتاب من المؤسسين وغيرهم وبعد فترة قصيرة تم انتخاب مجلس إدارة برئاسة الشيخ ابن خميس وعينت مديراً عاماً ومسؤولاً عن التحرير بعد استقالة الأستاذ عبدالعزيز السويلم وبتعاون الجميع وبدعم كبير من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ومعالي الشيخ جميل الحجيلان تم شراء قطعة أرض في الناصرية وبالتقسيط وبناء مقر عليها من دورين ومستودع للورق وشراء مطابع (هايد لبرج) من شركة الجفالي وبالتقسيط أيضاً» وكنا خلال تلك الفترة قبل تشييد المبنى واستيراد المطابع قد بدأنا بطباعة الجريدة الأسبوعية في مطابع الرياض والتي كان يملكها العلامة حمد الجاسر -يرحمه الله- مع بعض الشخصيات كما أن جريدة الدعوة وجريدة الرياض كانتا تطبعان في نفس المطبعة مع وجود مكاتب للمطبوعات الثلاث في مقر المطابع وكان يرأس تحرير الدعوة الأستاذ الأديب عبدالله بن إدريس ويرأس تحرير جريدة الرياض الأستاذ عمران العمران وكانت صحيفة الجزيرة تصدر يوم الثلاثاء من كل أسبوع وكان الشيخ ابن خميس يتابع بنفسه أعمالنا ويبدي ملاحظاته وتوجيهاته وبعد فترة تعاقب على إدارتها وتحريرها بعض الأعضاء من المؤسسة منهم عثمان الصالح -يرحمه الله- وصالح السالم وحمد الشاوي وعبدالرحمن المعمر ومن ثم انطلقت الجريدة يومية برئيس تحريرها الأستاذ خالد المالك وإدارتها المرحوم صالح العجروش حيث تمكنت من المنافسة والبروز والانتقال إلى المبنى الجديد وتم شراء مطابع حديثة.رحم الله الشيخ ابن خميس العميد والمؤسس لهذا الكيان لما قدمه للوطن من ثروة أدبية من كتب ومحاضرات وشعر ولقد تميز -يرحمه الله- بالتمسك بالدين وعرف بالوطنية والشهامة وتشجيع الآخرين لتنمية قدراتهم ومنهم كاتب هذه الأسطر فهو الذي شجعني على الكتابة ومواصلة رحلتي مع الصحافة.