عمدت وزارة التربية والتعليم مؤخراً إلى تطوير المقررات الدراسية التي خصصت لها فريقاً علمياً على قدر عال من المعرفة والوعي والإدراك بما يحتاجه طلاب هذا الجيل، حتى يكونوا مواكبين للتطورات العلمية
والتقنية الحديثة التي جعلت المعلومة يسيرة وسهلة المنال، فلم تعد ملكاً لنخبة كانت في وقت ما تسيطر عليها، وتجعل منها حكراً على فئة من المتعلمين الذين يتحكمون بها، وهم في ذات الوقت يتحكمون في طريقة نقلها وإيصالها للمتعلم بما يتناسب وفكرهم وإيديولوجياتهم، الزمن أختلف فبات من الصعب السيطرة على إي شخص يريد أن يحصل على أي معلومة، أصبحت مشاعة وحقاً للجميع، ومع إدراك الوزارة لذلك وللتحول الذي يعيشه أبناء هذا الجيل، بات من المهم - أيضاً - التحول إلى الطرائق الجديدة في التعامل مع المتعلم التي تعتمد الإيمان الكامل بالتخلص من الفكر القديم الذي كان مرتكزاً على نقل المعلومة للمتعلم ومحاولة إيصالها عن طريق شرحها، لم يعد الطالب بحاجة لأي معلم يقوم بهذا الدور، لذا أصبحت قضية تدريب الطالب وتعليمه على كيفية الحصول على المعلومة ومصادر المعلومات، ومن ثم تعليمه على كيفية التعامل مع تلك المعلومات، ومصادر التلقي، وكذا التحليل والاستنتاج، والاستنباط بعد تفكيك تلك المادة العلمية المقدمة أصبحت قواعد مهمة في أسلوب التدريس والتعليم الجديد الذي ظهر جلياً من خلال حزمة من المقررات الجديدة التي طورت أيضاً تلك المواد بدمج عدد منها في كتاب واحد، مع الإيمان الكامل بأن هناك فرق بين المقرر المدرسي والمنهج، حيث يمثل المنهج العملية التعليمية برمتها والبيئة المدرسية التي يعيشها الطالب داخل المدرسية، وما المقرر إلا جزء منها، ولهذا كان من الضروري الإيمان برسالة المعلم وبأن عليه دورا كبيرا حيال هذه المقررات الجديدة حيث عليه أن يساهم بأفكاره التي تساعد على تطوير الأفكار والطرائق لتدريس المقررات الجديدة، وهو بذلك ليس ملزماً التزاماً حرفياً بتطبيق ما ورد في سياسة ونهج طرائق التدريس الموجودة في كتاب المعلم الذي يقوم بدور الشارح والمفسر لكتاب الطالب، وهو أشبه بالكتالوج الذي يساعد على فهم طرق ورسالة المقرر الجديد وأساليب تدريسه، على المعلم إلا يتوقف عند ذلك، وعليه أن يبدع هو أيضاً ويبتكر الطريقة المثلى بحسب حاجة الطلاب، وألا يقتصر على ما يملى عليه في المقرر، وأيضاً نجد أن في المقررات الجديدة ما يوحي إلى الطلاب أنفسهم بالمشاركة في تعديل أو تطوير ما ورد في المقرر حتى يدركوا بأن هذا المقرر ليس منزهاً عن الخطأ وإنما هو اجتهاد شخصي من أشخاص متخصصين عملوا على تقديم مجموعة أفكار تتناسب وسن هؤلاء الطلاب ومرحلتهم الدراسية ووع المادة العلمية المقدمة.
إذن: ماذا تبقى؟
تبقى أن تدرك وزارة التربية والتعليم والقائمين عليها بأنها قامت بمجهود جبار في تأليف المقررات الجديدة التي تمثل نقلة حقيقية في حياة طلابنا في مراحل التعليم الابتدائي - على وجه الخصوص - والذي تعاملت معه شخصياً وأدرك أبعاده ورسالته، لكن الوزارة بحاجة ماسة إلى تهيئة المعلمين وتدريبهم بشكل مكثف على فهم رسالة هذه المقررات وكيفية التعاطي معها، وطريقة تدريسها، فالإدراك والفهم والوعي برسالة المقرر الجديد من قبل المعلمين نلمس أنها ضئيلة جداً، مما يجعل عدداً كبيراً منهم يقومون بتدريسها حسب جهدهم الشخصي حيث لم يتمكنوا من استيعاب وفهم رسالتها العميقة، ويعتبرها كثير منهم أشبه بالطلاسم التي لا يجيدون فك رموزها، مما يجعل الاجتهادات الشخصية في هذا الأمر توقع الكثير منهم في الخطأ فالعمل المرتجل في تقديم هذه المقررات الراقية معرفياً يوقع المعلم والمتعلم في مآزق كبيرة، ويؤدي إلى نتائج عكسية تماماً، هذا جانب، الجانب الآخر وهو من الأمور التي تعاني منها المقررات الجديدة أن البيئة المدرسية غير مهيأة حالياً لتطبيق هذه المقررات، حيث لا يوجد معامل كافية داخل المدارس، ولا يوجد أجهزة كمبيوتر وانترنت وشاشات عرض وسبورات ذكية داخل كل صف دراسي وهو ما تحتاجه المقررات الجديدة، ولا يتم حالياً التعامل مع « الأقراص المدمجة « السي دي « وخلاف ذلك مما نتبناه وندعو إليه عبر وسائل التدريس الحديثة، نسأل الله أن يعين وزارة التربية والتعليم في تحقيق الكثير من المطالب التي تساعد على تحقيق أهداف ورسالة المقررات الجديدة.
Kald_2345@hotmail.com