ذكرى البيعة السادسة المباركة، ذكرى غالية بكل المقاييس، وخلال ست سنوات زاهرات شهدت المملكة وما زالت في العهد الميمون لسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- طفرة تنموية جبارة تضمنت منجزات عظيمة تمضي بتخطيط إستراتيجي وتحليل متأن للسياسات في شتى قطاعات المجتمع والتي لم تقتصر فقط على الجانب الاقتصادي بل شملت جوانب أخرى مثل التعليم والصحة والثقافة والبيئة وتقوم على مفهوم أن الإنسان هو الثروة الحقيقية للأمة في إطار من السعي نحو الاستدامة مع المحافظة على الشخصية الإسلامية ذات الطابع الوسطي المعتدل المتوازن في الجمع بين الأصالة والمعاصرة وبين العلم والإيمان، هنا لم يكن من الهين علي، أن أوثق المنجزات الوطنية والخارجية لخادم الحرمين الشريفين، في رسالة لدرجة الدكتوراه، ومن ثم إصدارها في كتاب، فالحقيقة هي أن المتأمل في سيرة خادم الحرمين الشريفين يقصر -مهما اجتهد- عن الإحاطة بأبعادها، وأي محاولة للإحاطة بإنجازات خادم الحرمين الشريفين والإلمام بعمق تأثير هذه الإنجازات التنموية في تطور المملكة ونموها هي محاولة مقدر لها النجاح الجزئي على أحسن تقدير، حيث يواصل اليوم خادم الحرمين الشريفين السياسة المبنية على أسس الدولة من حيث الحرص على شعبه بما يكفل استشراف مستقبل واعد ومستقر، وهذا الحرص الذي يوليه خادم الحرمين الشريفين للتنمية الإنسانية المتوازنة المتعددة الأبعاد هو ماثل بأغنى الشواهد من عهد دولة الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- الذي هو حجمنا الكبير في هذا العالم، إلى عهد خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين -يحفظهما الله-.فإذا كان المؤرخون والمنصفون سيذكرون الحقائق فبالتأكيد أن خادم الحرمين الشريفين سيتبوأ مكاناً بارزاً في بناء ونماء وإنجازات الدولة السعودية الحديثة وستظل جوانب منجزات خادم الحرمين الشريفين تستقطب الباحثين بما تقدمه من مادة علمية ثرية وقيمة للدراسات والبحث العلمي، وجديرة بالتأمل والبحث والدراسة في مجلدات نستخلص منها الدروس وتتعلم منها الأجيال القادمة المتعاقبة أروع الأمثلة الوطنية السامية النبيلة، وتتجمع أهدافي في هذه الرسالة العلمية وهذا المؤلف -كلها في هدف واحد- ألا وهو خدمة ديني ومليكي وبلادي، حيث أرى -مثلما يرى غيري- دور بلادنا وأمتنا -مكانا وزمانا وإنسانا- مؤثرا في العالم كافة والإنسانية جميعها تأثيراً كبيراً، وهذه الرسالة العلمية الأكايمية التي تعد الأولى باسم خادم الحرمين الشريفين سيتم إصدارها قريبا -بإذن الله- في كتاب مطبوع ليكون بين أيدي القراء والباحثين، لأنني كم تمنيت أن أرى مسيرة وسيرة خادم الحرمين في رسالة علمية أكاديمية لتكون مرجعاً وذخيرة نفيسة للباحثين والدارسين.. والرسالة والكتاب ذاتهما ليسا إلا ثمرة من ثمار عهده الزاهر الميمون.. مؤكداً أن عبدالله بن عبدالعزيز هو اليوم كتاب مفتوح وليس كتاباً يكتبه أحد مواطنيه أبناء وبنات أكرم بقعة على وجه الأرض.
وهنا ما زلت أتذكر بكل تقدير ملاحظة البروفسورين العلمين جون ديفيس مدير برنامج الدراسات العليا وليزو موريس رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة هارود في العاصمة الأمريكية في واشنطن حينما قالا: لا نميل تماماً إلى أن تتركز رسالتك لدرجة الدكتوراه حول زعيم وطني، التي وجهاها لي قبل شروعي في بحث رسالة درجة الدكتوراه في الفلسفة.. ولكن كانت كلماتهما هذه بمثابة الدافع الجديد والمهم لأن أمضي قدما لتحقيق رسالة الدكتوراه الأولى باسم خادم الحرمين الشريفين. لم تكن إرادتي هذه تحديا لرغبة ووجهة نظر البروفسورين.. بل كانت إنصافاً لواقع لم يكن يعرفه حينها سواي.. واقع أعيه جيداً، كما يفعل السعوديون جميعاً.. وهو واقع العلاقة الوثيقة والفريدة التي تربط السعوديين بقيادتهم.
وعلق البروفسور مايكل فريزر خلال مناقشة الرسالة قائلاً: إن من الأمور التي تعلمتها من الرسالة أنه منذ البداية نهج الملك عبدالله نهجا سياسيا فكريا واقعيا مبنيا على مصداقية عالية.. وبذلك أسهم الملك عبدالله في ربط الأخلاق بالسياسة في التعامل الدولي. كما أشار إلى أن إنجازات وكلمات خادم الحرمين الشريفين شكلت وتشكل مصدر إلهام للعديد من رجالات الفكر والسياسة في أنحاء العالم، وسيكون الشعب السعودي والعالم أجمع مدينين لخادم الحرمين الشريفين بذلك. وأبدى المفكر الأمريكي المسلم البروفيسور سليمان نيانق تقديره للمملكة، وأشار إلى أن الملك عبدالله استطاع بحكمته وحنكته وإرادته الصلبة ورؤيته الثاقبة أن يجنب بلاده الكثير من الزلازل والأحداث الجسام، التي ضربت العديد من دول المنطقة والعالم. وهو يمثل صوت وقوة اعتدال راسخة وأشار إلى أن المملكة تسعى إلى الأخذ بزمام المبادرة لكل جهد يعزز الأمن والسلم العالميين، واختتم حديثه قائلاً: للسعوديين أن يفخروا بما أنجزوه، وتساءل عدد من الزملاء من طلبة الدراسات الجامعية والعليا في الجامعة: لماذا كتبت عن الملك عبدالله؟ فأجبتهم: لقد كنت سأكتب عن الملك عبدالله حتى ولو لم أكن سعودياً. وكوني سعودياً -بفضل الله- أضاف الكثير والإيجابي لها.. الملك عبدالله استطاع أن يحدث تغييراً إصلاحياً ليس على مستوى الوطن فقط.. وإنما على مستوى العالم أجمع.
* رئاسة الحرس الوطني