يقدم لنا طريق الملك عبدالله بالرياض أنموذجا للطرق الجديدة في بلادنا, بعد افتتاح مرحلته الأولى يوم الأحد الماضي حيث تشرف الأمير سلمان بإزاحة الستار إيذانا بافتتاح الطريق.. هذا الطريق الذي شكل لهيئة تطوير الرياض ووزارة النقل وأمانة منطقة الرياض والإدارة العامة للمرور تحديا يضاف إلى التحديات التي تشهدها مدينة الرياض لجعلها نموذجا حضاريا لمدن غرب آسيا, وشرق البحر المتوسط. وتطرح هيئة تطوير الرياض ثقافة جديدة تتمثل في الطرق الحديثة التي تقوم على فلسفة التطوير الشامل الذي ينظر إلى الطريق على أنه كائن حي وبيئة متداخلة ومنسجمة مع محيطها, وليس طريقا ناقلا للحركة, بل تعتبر هيئة الرياض الطريق مطورا لمحيطه, يضيف جمالية لجغرافية المكان, ويعكس الذائقة الهندسية والبيئة لإدارة المدينة, كما يأخذ بالاعتبار احتياجات الإدارة المرورية وأنظمة السلامة.. هذه الرؤية من مسؤولي هيئة تطوير الرياض والتي انعكست على المجسمات الجمالية والتكوينات الهندسية والألوان الفسفورية والمسطحات الخضراء وأشجار النخيل المتناظرة والمتعاشقة والتي شكلت وحدة الطريق مع رمزية أحجار الرياض المصنعة وتعاقب الإضاءة في الأنفاق وسطوع المسارات الجانبية .هذه الروح في هندسة الطرق تحتاج إلى روح جديدة في الإدارة المرورية التي تباعدت عن دورها الرئيس في تنظيم حركة السير وانسيابية الحركة المرورية في شوارع الرياض لتنشغل بكاميرات ساهر والجباية والتحصيل واصطياد الناس عبر كمائن في الشوارع المظلمة والمسارات الخلفية..
نريد أن يدار طريق الملك عبدالله بمنهجية حديثة مغايرة تماما عن أسلوب مرور الرياض في إدارة طريق الملك فهد وطريق مكة المكرمة وامتداد خريص والدائري كل ماتبذله في الزحام المروري هي إغلاق المداخل وتضييق المخارج عبر سيارات المرور, والمخالفة (السافرة) للسلامة المرورية بوضع (جيب) ساهر الشهير على الأرصفة معرضة أرواح المواطنين للخطر والحوادث التي تؤدي للوفاة أو الإعاقة أو التشوه بسبب تصرف (ساهر) تحت غطاء سيارات المرور في أماكن تعتبرها كمائن ومصائد تزيد من أرصدة الجباية والتحصيل .وترسيخ ثقافة مرور (على جنب يا راعي السيارة) التي لا تتناسب مع ما تطرحه هيئة تطوير الرياض والفكر المتطور لدى مهندسيها وإدارة الطرق التي تراعي جمالية المكان واحترام ذائقة المواطن والسعي إلى كون قائد المركبة صديقا للبيئة وجزءا من حركة المشاة على المسطحات الخضراء ومتمما للمشهد الحضاري..
أسلوب إدارة المرور مع ما تحمله من ثقافة في التعامل مع قائد المركبة لا تتلاقى مع طروحات من خطط هندسيا وإداريا وبيئيا لطريق الملك عبد الله ,وقد تفقد الطريق جماليته وروحه الذي اعتبر نموذجا للطرق التي يزمع إنشائها في مدن المملكة.