قطاع الاتصالات السعودي حقق في العام الماضي إيرادات بلغت 75 مليار ريال منها 61 مليار إيرادات محلية والباقي من استثمارات خارجية حيث نما خلال الأربع سنوات الماضية بما يقارب 80 بالمائة في إشارة واضحة على مدى قوة القطاع والذي مازال واعدا بحسب العديد من الدراسات غير أن واقع شركاته لا يعبر كثيرا عن هذه القوة بالقطاع فنصفها يعاني من صعوبات مالية كبيرة أدت إلى إيقاف شركة اتحاد عذيب مؤخرا بينما تقوم شركة زين منذ مدة طويلة بإعادة هيكلة رأس مالها.
وإذا ما أخذنا بالتوضيحات التي طرحت حول أسباب الإشكاليات التي تواجهها هاتين الشركتين واللتين تمثلان 50 بالمائة من عدد الشركات المرخصة لتقديم الخدمات بالمملكة فان اغلبها صب في تحميل هيئة الاتصالات المشرفة على أعمال القطاع وتشغيله المسئولية عن جل ما آلت إليه أوضاع الشركتين ولم نسمع ردا وافيا من الهيئة حول ما يتم تحميله لها من مسئولية أوضاع هاتين الشركتين.
مما لاشك فيه أن لدى الهيئة حزمة كبيرة من الأنظمة والقوانين التي من خلالها يتم الإشراف والمراقبة على القطاع ولكن هل هناك فعلا نقصا بتلك الأنظمة أو قصورا وتحتاج بالتالي إلى تحديث وتطوير أم الخلل في تطبيق أنظمة ولوائح أصلا موجودة ولكن غير مفعلة أو معطلة تبقى الإجابة على هذا السؤال لدى مقام هيئة الاتصالات.
ولكن من المهم القول إن هذه الشركات ضخت استثمارات كبيرة ولم تقدم عليها إلا بعد أن تأكدت من جدوى الاستثمار بالقطاع الذي شكلت إيراداته أكثر من 6 بالمائة من حجم الناتج المحلي للعام الماضي كما أنها رفدت الاقتصاد بآلاف الوظائف بسوق العمل للشباب السعودي بخلاف انعكاسها على سوق المنافسة بالقطاع وتحسين مستوى الخدمات والمزايا التنافسية إرضاء للعميل والدور الاقتصادي والاجتماعي لقطاع الاتصالات.
وكاستثمار بشكل عام أي كان نوعه لابد من توفير كافة السبل لإنجاحه بما ينعكس إيجابا على الاقتصاد بشكل عام ولو أخذنا قطاعا آخر وهو التامين والذي تشرف عليه مؤسسة النقد فإن الأخيرة قامت بتنظيم هذا القطاع والترخيص لعشرات الشركات لكي تؤدي الخدمة بالشكل المناسب وقامت بدعم الشركات من خلال التماشي مع احتياجاتها فالعديد منها واجهت صعوبات مالية وعندما تقدمت بطلب رفع رؤوس أموالها وافقت مؤسسة النقد لكل الشركات عندما تأكدت أن هذا الإجراء يساعد تلك الشركات على البقاء والعودة مجددا لسوق التامين بقوة ووضع أفضل فلابد إذا أن نسمع عن تحرك هيئة الاتصالات باتجاه دعم شركات الاتصالات بما يساعدها على تخطي أوضاعها الحالية والانتقال إلى مرحلة أفضل لكي تقوم بدورها خدمة للمجتمع.
فالاستثمارات بقطاع الاتصالات كبيرة ومكلفة ولابد من تضافر الجهود بين كل الأطراف لكي تبقى هذه الشركات عاملة وفاعلة بسوق قوي وكبير فمقبول أن يتراجع أداء الشركات في وضع اقتصادي راكد أو سوق متشبع لا يساعد على النمو ولكن في حالة قطاع الاتصالات السعودي فالصورة إلى الآن مختلفة والنمو المتوقع بالقطاع كبير بخلاف حالة الاقتصاد السعودي الأكثر من ممتازة والذي يعيش مرحلة من النمو غير مسبوقة تنعكس على كل القطاعات ومن أبرزها الاتصالات الذي أصبحت خدماته أساسية في كل مناحي الحياة.