جاءت مكرمة خادم الحرمين الشريفين مؤخراً بدفع رسوم جزء من تكاليف البرنامج الموازي من خزينة الدولة لكافة الطلاب - وهو القرار الذي استبشر به المواطنون الراغبون في الدراسة - لكن الإقبال المتزايد أدى إلى قيام الكليات التي تشرف على البرنامج بعمل مفاضلة بين الطلاب، حيث يتقدم أكثر من 500 شخص فيما لا يستوعب البرنامج الواحد أكثر من 50 شخصاً، بمعنى أنه لا يتم استيعاب أكثر من 10% يعني هذا بقاء عدد كبير من الراغبين في الدراسة على لائحة الانتظار، وتتكرر المفاضلة في كل فصل دراسي يؤدي إلى عدم إتاحة الفرصة لعدد كبير من الراغبين الالتحاق بالبرنامج.
هذا الأمر عاد بالكثير للتفكير مرة أخرى في الجامعات الخارجية - ولا نقصد هنا - الجامعات الخارجية ذات المستوى العالي في التعليم، فمثل هذه النوعية من الجامعات مطلوبة أصلاً، وعائدها كبير على من يدرس بها، وإنما أقصد عددا كبيرا من الجامعات العربية وغير العربية الضعيفة أكاديمياً، مما يؤدي إلى حصول الطلاب على شهادات لا يتم الاعتراف بها محلياً، ثم تطور الأمر فظهر تجار الشنطة، أولئك الذين يقومون بمنحك شهادة من جامعات دولية كبيرة، وعريقة - بهدف الربح المادي - وخلال وقت قصير، دون أن تكلف خاطرك في السفر أو الذهاب للجامعة، وخلال فترة قصيرة جداً، وهذا ما حدث لكثير من الراغبين في الحصول على شهادة الدكتوراه من أجل الوجاهة، حيث يتم الحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه خلال ستة أشهر فقط، وربما تحتسب للشخص المتقدم بعض الخبرات العملية أو المؤلفات ذات العلاقة بالموضوع، طبعاً شهادات الوجاهة هذه لا يعتد بها وقد قامت وزارة التربية والتعليم بإصدار تعميم على كافة منسوبيها بعدم التوقيع بمسمى « دكتور « ما لم تكن شهادة الدكتوراه التي يحملها الموقع معترفاً بها، من وزارة التعليم العالي، الطريف في شهادات الوجاهة هذه أن هناك مندوبين لتلك الجامعات يكفلون لك الحصول على البكالوريوس والماجستير والدكتوراه خلال سنة ونصف فقط إذا كنت غير حاصل على البكالوريوس، وبمبالغ قد لا تتجاوز الـ- 60 ألف ريال « يلابلاش « لكنها لا تفيد أكاديمياً، ولا وظيفياً، بمعنى أن صاحبها غير مؤهل لأن يصبح محاضراً في أي جامعة سعودية كانت، والشهادة غير مؤهلة لمنح صاحبها ترقية وظيفية - فما هي الفائدة - الوجاهة فقط أن يصبح دكتوراً حتى لو كان أمام زملائه وأهله وخاصته، يكفي أن يطلق عليه هؤلاء مسمى دكتور.
ثم وقعنا كمجتمع، ووقعت جامعاتنا هي الأخرى في أزمة مع هذه النوعية من الشهادات التي يأتي معظمها بهدف مادي بحت من قبل مانحيها.
هناك مأزق آخر يرتبط بمن يرغب الدراسة في الجامعات خارج المملكة وهي الشروط التعجيزية التي على رأسها الحصول على موافقة مبدئية من التعليم العالي - على الدراسة في جامعة معترف بها لديهم - ثم مراجعة الملحقية الثقافية في الدولة التي يرغب الطالب الدراسة بها حتى يتم متابعته من قبلها، ثم التفرغ الكامل للدراسة حيث يجب على الطالب إحضار ما يفيد أنه انتظم بنسبة70% من الأيام الفعلية للدراسة، وهذا يعني - بالنسبة للموظفين الراغبين في إكمال دراستهم - ترك وظيفته والانتقال للبلد التي يرغب الدراسة بها والتفرغ الكامل، طبعاً حديثي هذا لا يشمل الطلاب - حديثي التخرج - من حملة البكالوريوس الذين يرغبون في إكمال الدراسات العليا -والذين أتيحت لهم فرصة الابتعاث الخارجي، وإنما أتحدث عمن لم تتح لهم مثل هذه الفرص، ومن يرغبون في إكمال دراستهم وهم على رأس العمل.
يحدث هذا في الوقت الذي أصبح العالم كله يعترف بالتعليم عن بعد، والذي بات الآن من الوسائل الحديثة الأكثر تعزيزاً والتي تصبح بديلاً للانتساب في الجامعات، هي تساؤلات رغبت في طرحها على وزارة التعليم العالي.
Kald_2345@hotmail.com