تعتبر القيادة الإداريـــة مـن الموضوعات التي نـــالت قسطـا كبيرا من البحث والدراسة خلال القرن العشرين. أما في الثمانينيات الميلادية من القرن نفسه فقد وصلت تلك الدراسات إلى تأصيل مفهوم القيادة الإدارية بشكل دقيق من خلال نظريات ونماذج عديدة قام بها عدد من المختصين في هذا المجال. وهذا لا يعني أن الدراسات والبحوث عن هذا الموضوع قد توقفت الآن أو أنها وصلت إلى درجة التشبع بل إن موضوع القيادة الإدارية «موضوع ساخن» وله أهمية خاصة عند المختصين في عموم دول العالم نظرا للدور الكبير الذي يقوم به القادة على مستوى الأفراد والمنظمات.
ولا شك أن هناك سؤالا مطروحا عند كثير من الباحثين وغيرهم عند تعريف القيادة الإدارية ومفاده هل القيادة الإدارية فطرية أم مكتسبة؟. ومع اختلاف آراء الباحثين في هذا المجال إلا أن القيادي الأمثل هو من تتوفر فيه صفات القيادة الفطرية ومن ثم يتم صقلها عن طريق التعليم والتدريب والخبرة والاطلاع. ولا يمكن هنا أن نغفل رغبة الفرد في القيادة وتطلعه إليها لأن ذلك مدعاة إلى القيام بدوره بطريقة أفضل. ولا بد أن تتوفر بالقائد الإداري سمات وخصائص معينة منها قوة التأثير في جماعة العمل والرغبة في تحقيق الأهداف والتطلع إلى النجاح والعمل على تحقيق مصالح المنظمة والأفراد وغيرها.
وتعرف القيادة الإدارية بأنها «التأثير الذي يتركه القادة على الأفراد والمنظمات من خلال السلطة التي يتمتعون بها بموجب الأنظمة واللوائح» أو أنها «قبول الأفراد بسلطة القائد عليهم» أو غير ذلك من التعريفات الكثيرة. وبالرغم من تعدد أنماط القيادة الإدارية بين الباحثين والدخول في جزئيات تفصيلية دقيقة إلا أنها تكاد أن تنحصر بين ثلاثة أنماط هي: النمط التسلطي «الأوتوقراطي»: وهو الذي يمسك بخيوط القيادة الإدارية منفردا. والنمط الديمقراطي: وهو الذي يشرك الآخرين في عملية اتخاذ القرارات. والنمط الحر: وهو الذي يأخذ بالأسلوبين التسلطي والديمقراطي معا حسب اعتبارات معينة منها الموقف، ونوع التنظيم، وطبيعة الأفراد، وغير ذلك.
وتجدر الإشارة إلى أن القادة الإداريين مختلفون في مقدار تأثيرهم على الأفراد والمنظمات على حد سواء لأسباب كثيرة منها: الشخصية والتنظيمية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها. وتأتي القيم التنظيمية الجيدة التي يتبناها القائد الإداري من أهم العوامل التي تمكنه من أداء مهامه الوظيفية بفاعلية. وبالتالي فإن العاملين في المنظمة يتبنون هذه القيم وتكون جزءا من سلوكياتهم مما يعمل على إحداث انسجام بين القائد والأفراد العاملين معه في المنظمة. ولذا يمكن القول بأن تأثير قيم القادة الإداريين وما يتخذونه من قرارات لها علاقة مباشرة بسلوك العاملين في المنظمات على اختلاف مستوياتهم الوظيفية.
وقد يكون من أهم الصعوبات التي يمكن أن يواجهها القائد الإداري في المنظمة عدم تمكنه من قيادة الأفراد بالطريقة التي يصبو إليها أو يواجه صراعات كثيرة من داخل المنظمة وخارجها أو يواجه نقصا حادا في الموارد البشرية والمادية وغيرها. كما أن نوع التنظيم والبناء التنظيمي والبيئة الإدارية للمنظمة التي يعمل بها القائد الإداري يمكن أن تشكل تحديا آخر للقائد. ونتيجة لهذه العوامل والظروف فإن القائد الإداري يمكن أن يحقق الأهداف التنظيمية وبالتالي يحقق النجاح المطلوب أو يفشل في تحقيق الأهداف التنظيمية وبالتالي لا يحقق النجاح المطلوب.
وأخيراً يمكن أن نشير إلى أن هناك مفهومين من القيادة الإدارية متداولين في أوساط المختصين وهما: مفهوم القيادة الرسمية وهي التي تأخذ قوة تأثيرها من السلطة نفسها ومفهوم القيادة غير الرسمية وهي التي تأخذ قوة تأثيرها من شخصية القائد نفسه حيث تعمد كثير من المنظمات إلى اختيار القادة المؤهلين وإعدادهم وتدريبهم في أوقات مبكرة ليكونوا جاهزين لتسلم مهامهم الوظيفية وقت الحاجة. والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
عضو هيئة التدريب بمعهد الإدارة