تمر علينا ذكرى البيعة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ونحن أكثر سعادة بشفائه -حفظه الله- من العارض الصحي الذي ألم به وعودته سالماً معافى إلى وطنه وأبناء وبنات وطنه الذين أحبوه وكانوا يلهثون بالدعاء ليل نهار بأن يعيد الله خادم الحرمين بكل خير وصحة وسلامة إلى أهله. ولم يكن هذا الأمر مستغرباً من قبل كل من يعيش داخل وطننا أو يتابعه حيث امتاز خادم الحرمين بقربه من الشعب وبادله الحب بحب. حتى في رحلته العلاجية كان متابعاً لكل ما يدور داخل الوطن. بل إنه وكما قال ابنه صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله كان يسأل عن الشعب والوطن حتى وهو يتوجه إلى غرفة العمليات ويستعد للحظات الحرجة في رحلته العلاجية.
هذا الحب امتاز بأنه يأتي طبيعياً، هكذا دون اللجوء إلى تهويلات خطابية كبيرة. انظروا كم هي أحاديث خادم الحرمين الشريفين ومدى طولها؟ إن كلماته تعد الأقصر بين نظرائه على مستوى العالم، فهو يكتفي بكلمات قليلة في لقاءاته بالناس، لكنها كلمات تنبع من القلب فتتقبلها قلوب الناس بكل حب وتقدير. ولا يفعل مثل أولئك الرؤساء الذين يخطبون على مدى ساعات لأكثر من مرة في الأسبوع وتصل أحاديثهم حد التطرق إلى تفاصيل حياة المواطنين. عندما يكتفي الملك عبدالله وبكل عفوية بالقول (يا إخوان اعفوني من لقب ملك الإنسانية.. الملك هو الله)، فإنك لا تملك إلا أن تكبر هذا التواضع والإنسانية التي يتحلى به حفظه الله. انظر ما أقصر الخطاب الذي لم يتجاوز جملة واحدة لكنها جاءت عفوية تبين معدن خادم الحرمين الشريفين وتواضعه وثقته بنفسه وإيمانه بربه.
عندما يأتي المواطن والزائر يسلم عليه يعتذر بكل عفوية بعدم تمكنه من الوقوف للسلام عليهم، رغم أن الكل يعرف أنه لايزال - حينها - في مرحلة الشفاء وهو الحاكم الذي لم يطلب أحد منه أن يقف أو يعتذر أو حتى يسلم عليهم.
في الاحتفال بذكرى البيعة لن يتسع حجم هذه الزاوية لتعداد المنجز أو لتعداد مناقب القائد الذي يقود هذه السفينة، المملكة العربية السعودية، بكل اقتدار. لعل صحيفتنا العزيزة ستأتي على بعض ذلك في تغطيات صحفية مناسبة. لكن نتفاءل تيمنا بتفاؤل خادم الحرمين الشريفين حينما قال لزواره ذات يوم: (ابشروا الخير واجد.. الخير قدام، إن شاء الله).
نعم الخير قدام إن شاء الله، فما وضعه -حفظه الله- من بصمات تأسيسية سنلمس خيرها في المستقبل؛ فقد اهتم بالتعليم واهتم بإعادة بناء البنى التحتية في كافة المجالات، حتى غدا وطننا ورشة عمل كبرى بدأنا نلمس آثار بعضها وسنلمس المزيد في مستقبل الأيام، حال اكتمال المشاريع التنموية التي تبناها ودعمها بكل قوة خادم الحرمين الشريفين. لقد قدر بعض المراقبين بأن ما سيتحقق خلال هذا العقد من تنمية محلية سيوازي في بعض القطاعات ما تحقق خلال خمسين عاماً من عمر البلاد. بل إنه في بعض القطاعات سيزيد عن ذلك بكثير.
ونختم بما قاله مراقب سياسي (الآخرون مشغولون بالسياسة بينما المملكة مشغولة بالبناء).
حفظ الله خادم الحرمين الشريفين ومتعه بالصحة والعافية والعمر المديد.
malkhazim@hotmail.com