عندما يدعو مفتي عام المملكة سماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ, تجمع الوحدة الوطنية بمملكة البحرين، وأعضاء من المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، إلى العمل على إنهاء الاحتقان الطائفي، وأن ذلك لن يكون إلا باجتماع الكلمة على قيم الحق، والعدل، وإدارة الحوار، والتفاهم بأسلوب
حكيم، وعاقل، هو الذي يبني الأوطان، ويعلي مكانتها. فإن دعوة كهذه, هي نوع من الهدي النبوي, سار عليه الصحابة رضي الله عنهم، والعلماء المعتبرون من الذين لهم وزنهم على مستوى التأثير في الناس, في قراءة اللحظة الراهنة. كما أنها جزء من الإحساس بالمسؤولية؛ لإدانة الحشد الطائفي المتبادل بين السنة والشيعة، تأتي في ضوء المجريات التي تعصف بالساحة الدولية، والصراعات المذهبية؛ لحلحلة الاحتقان الطائفي في بعض الأمصار العربية والإسلامية، والقضاء عليها لاسيما في البحرين، والتي كانت ستودي بمستقبل البلاد إلى المجهول, بعد أن ازدادت وتيرته خلال الأحداث الأخيرة، واتسعت طائفيا في الفصل الأخير من فصول المسرحية، بسبب تكوينه الديموغرافي المتنوع.
الاحتقان الطائفي الذي مُلئت به النفوس، وأثيرت به الأحقاد، وانحرف بسببه فئات من المجتمع عن النهج القويم, كانت له أسبابه المعلنة, عن طريق قوى سياسية معروفة كإيران، والتي أرادت فرض وصايتها على الشيعة في جميع الدول العربية، الأمر الذي سبب الكثير في تأجيج الصراعات في تلك الدول. إضافة إلى وجود فئات متطرفة عملت على تأجيج الاحتقان, والتي جهلت قيم التسامح، وقبول الآخر، فكانت مع الأسف جزءا من أدوات الصراع السياسي في المنطقة.
إن استقرار الأوطان, أولوية قصوى لا يُمكن المساومة عليها؛ لما فيه مصلحة الجميع. وعندما أطلت الطائفية البغيضة بوجهها القبيح؛ لتشوه الصورة الجميلة في منطقتنا العربية، بعد أن أصبحت على عتبة الانفجار, تحولت إلى هوس طائفي. وبقي الملف حاضراً، إن على مستوى البنية التكوينية النفسية، أو بتفاعله على مستوى الانعكاسات الجارية على الساحة.
يبقى التأكيد على ضرورة العمل، على توجيه خطاب إسلامي معتدل، وحوار مذهبي شامل،وتأكيد مبدأ قبول الآخر، يضع حدا للغلو،ويقضي على التطرف،وهو مطلب مهم. كما أن نبذ الخلافات،واستغلال الدين الإسلامي في المطامع السياسية، وذلك عن طريق ترشيد الفكر السياسي، وإنهاء الاحتقان الطائفي بين السنة والشيعة، هو بلا شك رسم لمسار التاريخ بالمسطرة. وما لم تتحرك النخب الدينية،والسياسية؛ للدخول في حوارات دون تدخلات خارجية، فإن القضاء على الاحتقان الطائفي، لن يكون ممكنا. فلكل سبب نتيجة, ولكل مقدمة نهاية.
بقي أن أقول: إن الأمن، والأمان في الأوطان، نعمة ربانية، لا يجوز التفريط بهما, ولا التقليل من أهميتهما. وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا الرضوخ لما تفرضه أجندات سياسية, وأطراف خارجية،مستفيدة من تخاصم الطائفتين، والذي قادنا إلى مزيد من التفرق والتشرذم؟
drsasq@gmail.com