قال وزير الزراعة في تصريح نشرته العربية إنه على استعداد لتغيير إستراتيجية طعامه تبعاً لزيادة الأسعار، وإنه لن يتردد في هجر الرز واستبداله بالقرصان، كما أن معاليه توعد بأنه سيتخذ قراراً جريئاً وخطيراً يتمثل بهجر لحوم سلالة النعيمي إلى لحوم سلالات أخرى (مثل الأسترالي أو الأرجنتيني -وهو ما قصده في قوله سلالة أخرى-).
إستراتيجية اتخاذ البدائل إستراتيجية فاعلة وناجعة شرط أن تكون البدائل لها نفس المستوى من الجودة والأمان وتحقق ذات النتائج وذات الكفاءة.
ولا أظن اللحوم المجمدة التي ستعبر القارات وستمر على مختلف مقاسات الذمم ستكون بديلاً تغذوياً مأموناً, أجد أن إعادة تشكيل ثقافتنا الغذائية من التغذية الحيوانية إلى التغذية النباتية سيكون أكثر يسراً من تحولنا من النعيمي للأسترالي!!
كنت أتوقع من معالي الوزير أن يقترح إستراتيجية الدعم والترغيب بتربية الماشية وتوفير الثروة الحيوانية المحلية وإزالة العقبات وتذليل الصعوبات لزيادة العرض ومن ثم انخفاض الأسعار.
فتجارة الماشية ومشاريع تربيتها وتنميتها انحسرت كثيراً حتى في البادية وذلك إثر مشكلات ارتفاع أسعار الأعلاف وقلة دعم الوزارة لمثل هذه المشاريع.
لدينا نقص واضح في المراعي لشدة الحر وقلة أمطار الصحاري, لكن لدينا سيولة مادية بإمكانها أن تبتكر وتبتدع وتستجلب الخبرات العالمية لاستعادة الثروة الحيوانية وترغيب البادية والقرى على تربيتها وتنميتها.
إن نمو مثل هذه المشاريع سيوفر علينا الكثير من هجرة أبناء البادية وأبناء القرى للمدن وزيادة العبء على الخدمات فيها في الوقت الذي تعاني فيه الهجر والقرى من الفراغ السكاني المخيف, مع أن كثيراً ممن يهاجرون يحصلون على وظائف بسيطة يذهب دخلها هباءً وسط غلاء المدن وارتفاع المعيشة. وقد لا يحصلون أبداً على وظيفة وينضمون إلى قوائم البطالة مع أن فرصة توطينهم بمشاريع ملائمة لطبيعة أماكنهم الأصلية كانت قائمة وسانحة.
كما أن هذه المشاريع الوطنية التي أرى أن تكون بديلاً إستراتيجياً يهدف لإنماء الصحاري وإعمار الهجر والقرى ستحقق إضافة للجانب الاقتصادي والجانب الأمني حيث يلزم أن تكون مساحات بلادنا كلها مشغولة بالسكان ولا تشكل فراغات بالإمكان الاختراق منها -لا قدر الله-.
كما أن إنتاج هذه المشاريع التي أرى أن تبادر وزارة الزراعة على تشجيعها ودعمها سيجعلنا في مأمن من استبدال النعيمي بالأسترالي أو الرز بالقرصان؟!
f.f.alotabi@hotmail.com