السيدة نافي بيلاي، مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، أعربت في تصريح لها عن قلقها العميق إزاء استمرار احتجاز المئات من الناشطين في البحرين. ومحاكمة العشرات من أصحاب المهن الطبية، والحكم بالإعدام على أربعة متظاهرين بعد محاكمة عسكرية مغلقة.
أقدر مشاعر السيدة نافي بيلاي، وأقدر شعورها بالمسؤولية من خلال تسجيل موقف تجاه أي انتهاك لحقوق الإنسان في هذا العالم. وأعلم أنها ومن موقعها لا ترى إلا الحق الإنساني والعدالة القانونية والاجتماعية. ولثقتي بهذا فقد أردت أن أوضح بعض النقاط التي أنا على يقين أن مفوضة الأمم المتحدة لن تتجاهلها فهي تتحدث من منطقة تهتم بالإنسان أياكان. لذا فأود أن أقول لها أن رجال الأمن هم أيضا ينتمون إلى فئة «الإنسان»، وأن العمالة الآسيوية التي جاءت إلى الخليج بحثا عن لقمة العيش هم كذلك ينتمون إلى فئة «الإنسان»، وأن مؤذني وأئمة المساجد السنية هم أيضا ينتمون إلى فئة «الإنسان».
دخلت إلى البلاط الحقوقي في جنيف، والأردن، واليمن، ومصر، وبريطانيا وغيرهم، وأعلم جيداً من أي زاوية ينطلق الحقوقيون. هذه الزاوية قد لا تكون تعكس الصورة الحقيقية في بعض الأحيان، وقد تنقلب الأحداث على عكس ما عهدنا من أن -المدعو- بالمناضل الحقوقي يقف في وجه ظلم وجبروت النظام الحاكم. هذه المرة وفي البحرين يا سيدتي اختلف الموقف تماماً، وانعكست الصورة، فهذه المرة الظالم مدسوس في داخل المواطن العادي الذي تم استغلال مطالبه لجهات لا أظنها خافية عنكِ وعن وعيك السياسي. أما المظلوم فهو رجل الأمن البسيط الذي قام الظالم بكسر هيبته ورجمه وقتله أيضا، فقد قُتل من رجال الأمن ما يزيد عن عشرة، وأكثر من خمسين جريحا منهم مصابون بجروح بالغة وصمت بهم إعاقة مدى الحياة. وهناك أئمة مساجد ومؤذنون أصيبوا بجروح وقتل منهم اثنان الأول تم قطع لسانه، والثاني ثمانيني لا ناقة له ولا جمل فيما يحصل من أحداث سياسية. وأود أن أطرح على السيدة نافي بيلاي سؤالا: هل سمعتِ فيما حدث من ثورات في العالم العربي عن إصابة أو مقتل رجل أمن؟ هل سمعتِ عن حكاية رجل الأمن المصري الذي تعثر وسقط أثناء مهاجمته لشباب ميدان التحرير، وقام هؤلاء الشباب أنفسهم بإسعافه؟ نعم يا سيدتي.. إن هذا هو الواقع الذي أنقله لكِ وأنا شاهد عليه. لا أظنك لم تسمعي بكل هذه الأحداث، ولا أتمنى أن يكون من نقل لكِ ما حصل قام بالنقل من زاوية واحدة، في أحداث البحرين المقاييس اختلفت ومن حُكم عليهم بالإعدام هم قتلة مجرمون ولكِ أن تعودي إلى موقع اليوتيوب لمشاهدة حجم جريمتهم في دهس رجلين من رجال الأمن بوحشية لم أرها في حياتي ولم أسمع عنها حتى في تاريخ الحجاج بن يوسف. وأظنك أكثر الناس حثا على العدالة، وأنا على ثقة بأن رؤيتكِ مجردة وخالصة للإنسان وحده الذي من حقه أن ينعم بوطن يحتويه ويضم آماله وتطلعاته، وأن يقف بوجه كل من يريد بوطنه الشر ويهز أمنه وراحته ولن يغيب عن ذهنك الأطماع الفارسية المعلنة في منطقتنا. ومن هنا يا سيدتي فإنني أدعوك إلى إصدار بيان ضد الأطباء الذين رموا بأمانة المهنة عرض الحائط، وبيان آخر يدين المجازر اليومية ضد إخوتنا في منطقة (الأحواز) لا لجريمة لهم سوى أنهم عرب، وأوصيكِ ببيان آخر بحق سجناء جوانتانامو، ولا تنسي يا عزيزتي السجون التي امتلأت في سورية حتى أنه تم تحويل المدارس إلى سجون!
عزيزتي السيدة نافي بيلاي: أود التأكيد قبل أن تنتهي مساحة مقالي على أن شعب البحرين ليسوا فقط من خرجوا إلى دوار اللؤلؤة. وكوني على ثقة بأن البحرين سباقة في الديمقراطية والانفتاح السياسي والحرية الإعلامية. ومع ذلك وللأسف فإن ما حدث كان تعبيراً عن طموحات فارسية تظللت بمزاعم ثورة ومطالبات شعبية.
www.salmogren.net