تقع منطقة القصيم بموقع استراتيجي في وسط المملكة مربوطة بشبكة طرق بمنطقة الرياض والمنطقة الشرقية والمدينة المنورة وشمال المملكة، إضافة إلى ارتباط محافظاتها ومدنها بطرق سريعة، إضافة إلى مطار إقليمي تم فتحه مؤخراً لرحلات دولية (دبي والقاهرة). ويبلغ سكان المنطقة نحو مليون وربع المليون نسمة. وقد اشتهر أهالي القصيم بالتجارة في الداخل والخارج، ومن ذلك وجود عدد من العائلات القصيمية في بلاد الهند والدول العربية ودول الخليج ومصر وسوريا والعراق، إضافة إلى العوائل التجارية المعروفة بالمملكة مثل الراجحي والجفالي والعليان... إلخ. وتتميز القصيم أيضاً بالزراعة وجوها الصحي الملائم للمنتجعات الصحية؛ حيث سبق أن حصلت البكيرية منذ أكثر من عشرة أعوام على جائزة المدينة الصحية عالمياً، وبعدها جاءت المذنب؛ حيث حصلت على هذه الجائرة منذ نحو خمس سنوات.
إن منطقة القصيم جاذبة للاستثمار لعوامل عدة، أهمها توافر مواد خام محلية كالمنتجات الزراعية ومواد البناء التعدينية، والموقع المتوسط من المملكة، الذي من خلاله تستطيع المنطقة خدمة كثير من المناطق، وبخاصة المناطق الشمالية والشمالية الشرقية، إضافة إلى منطقة الرياض، ووقوعها على خطوط سريعة تصل بين المملكة وسوريا والأردن، إضافة إلى كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة ومناطق الشمال. كما سيمر خط سكة الحديد من الشمال بمنطقة القصيم.
لقد اهتمت إمارة المنطقة، ممثلة بسمو أمير المنطقة وسمو نائبه، بكل ما من شأنه تشجيع الاستثمار بالمنطقة ومتابعة احتياجات رجال الأعمال؛ لذا - وحسب توجيهات سمو أمير المنطقة - تم تأسيس لجنة الاستثمار برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود نائب أمير المنطقة، التي أتشرف بعضويتها. وكلمة حق أن سموه متابع شخصي وباهتمام لأعمال اللجنة، وأبدى استعداد سموه خلال الاجتماع الأول بل وفي كل اجتماع للجنة في أي وقت وفي أي مكان.
لقد أوضحت الدراسات أن منطقة القصيم تحتوي على فرص عديدة، ولعل ما يدل على ذلك زيارة رجال الأعمال من مختلف مناطق المملكة (أكثر من 60 رجل أعمال)، حينما انعقد مجلس إدارة مجلس الغرف مؤخراً بالقصيم، وجولتهم في مختلف محافظات ومدن القصيم، وأبدوا إعجابهم بما رأوه مثل إنتاج الأُسَر المنتجة ومشاركة المرأة في العديد من الأعمال (أكثر من 300 أسرة منتجة)؛ فهناك أسواق نسائية، دكاكين، (قيصرية) في مختلف المحافظات، وهناك نساء يقمن بتقديم العديد من المنتجات مثل التمور والكليجا والأكلات الشعبية.. ولعل الخبر الذي نُشر مؤخراً عن قيام (دواجن الوطنية) بتعيين عدد من السعوديات للعمل على خط إنتاج (محدد) كامل من النساء المواطنات، وغيرهم كُثُر، خير دليل على مشاركة المرأة بالعمل بالقطاع الخاص. كما أن تصريح سعادة رئيس مجلس الغرف الشيخ صالح كامل خلال الزيارة المشار إليها مع عدد من رجال الأعمال، بعد أن تجولوا بالمنطقة، بأن منطقة القصيم (مقصرة إعلامياً في حق نفسها) خير دليل على البيئة الاستثمارية بالمنطقة.
لقد أوضحت دراسات سابقة، ومنها دراسة أعدتها الدار السعودية للخدمات الاستشارية منذ نحو خمسة عشر عاماً، الفرص الاستثمارية بالمنطقة؛ فهناك العديد من الفرص الاستثمارية المعتمدة على مواد محلية، كما سبق الإشارة أعلاه، وسوف أذكر منها على سبيل المثال:
1. الصناعات الزراعية والغذائية؛ حيث تُعتبر المنطقة ثاني أكبر منطقة زراعية بالمملكة، وإنتاجها نحو 20 % من إنتاج المملكة الزراعي. ويوجد بالمنطقة أكبر مزارع نخيل بالعالم دخلت موسوعة جينس للأرقام القياسية. كما توجد منتجات زراعية عضوية بدون أية كيماويات.
2. الصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية والخدمات الصحية كالمنتجعات الصحية؛ لتوافر البيئة النظيفة والهدوء. ويوجد مصنعان للأدوية بالمنطقة، أحدهما أول مصنع سعودي للأدوية. وتوجد كلية سليمان الراجحي الطبية بالتعاون مع إحدى كليات الطب الهولندية العالمية.
3. السياحة الريفية والصحراوية مثل إقامة المنتجعات داخل مزارع قائمة.
4. سباق حواجز السيارات والتطعيس الذي يشهد إقبالاً كبيراً حتى من الدول المجاورة.
5. صناعة مواد البناء المعتمدة على مواد تعدينية محلية؛ حيث إن منطقة القصيم غنية بالكثير من المعادن.
6. يوجد بالمنطقة أكبر سوق أنعام (الإبل) بالعالم، كما يوجد بالمنطقة أكبر أسواق للتمور، ويمثل فرصة عمل موسمية لأبناء المنطقة.
7. يوجد بالمنطقة أكبر مزرعة أسماك زينة، وتصدر معظم إنتاجها إلى خارج المملكة.
8. تتميز المنطقة بأنها أكثر مناطق المملكة في المهرجانات المختلفة، وعلى مدار العام.
لكن ماذا يحتاج المستثمرون بالمنطقة:
أ- أن تكون ضمن المناطق المشمولة بخدمات وتسهيلات المستثمرين والحوافز المقدَّمة لبعض المناطق مثل حائل والمناطق الاقتصادية.
ب- تدعيم وزارة التجارة والصناعة لفرعها بالقصيم (بريدة) بالموظفين اللازمين بمركز قطاع الأعمال، الذي يحمل الاسم فقط؛ حيث يجب أن يكون هناك تمثيل لجميع الدوائر الحكومية بالمركز؛ حيث إن هذا المركز والفرع ليس لهما أية صلاحيات، وكل الصلاحيات مركزية بالوزارة، كما يتطلب المركز أن يكون هناك كاتب عدل مع الموظفين اللازمين؛ حيث إن توثيق عقود الشركات بالمنطقة بمواعيد تزيد على الشهر!!
ج- إعادة إقامة مصفاة البترول التي سبق البدء بإنشائها، وتم مد خطوط الأنابيب كاملة، وصُرفت عليها مبالغ كبيرة، إلا أنها أُلغيت منذ نحو عشرين عاماً. إن إعادة إقامة المصفاة تمثل هدفاً استراتيجياً، ليس للمنطقة فحسب، وإنما أيضاً لصناعة التكرير بالمملكة؛ حيث أثبتت الدراسات خطأ إقامة الصناعات التكريرية وكذلك البتروكيماوية على الساحل الخليجي وفي مكان واحد. وقد أثبت ذلك حرب الخليج الثانية رغم أن هذه المشروعات المهمة نجت - بحفظ الله سبحانه وتعالى - من الخطر. ومعروف أن هذه المصفاة ألغيت بسبب مالي في ذلك الوقت، وهو ولله الحمد متوافر في الوقت الحاضر. وإن إقامة هذه المصفاة سيكون لها نتائج إيجابية للمنطقة وما جاورها، إضافة للناحية الاستراتيجية.
د- إعداد استراتيجية إعلامية اقتصادية للمنطقة، وبإشراف الإمارة الموقَّرة.
خـواطــر
«أشار سماحة المفتي - يحفظه الله - في خطبة الجمعة العاشر من جمادى الآخرة 1432هـ إلى أنواع من الكذب والنفاق، سواء من بعض الإعلاميين أو الإداريين، وحذَّر سماحته أطياف المجتمع كافة من الكذب، بدءاً من التجار ورجال الأعمال والصناعيين، وعدم التدليس بالمواصفات وتطبيق المواصفات كافة، والصدق في تشييد البناء، وحمل شهادات عليا مزورة لاستغلالها لتبوؤ المناصب، والترويج للبضائع إعلامياً بمواصفات ليست بها، وكذلك الكذب في مواصفات المشاريع العامة».
«الإدارة علم وفن وأخلاق، وليت بعض المسؤولين بل ورجال الأعمال يعلمون هذا».
«من مبادئ الإدارة أن نطاق المسؤولية والإشراف المباشر SPAN OF CONTROL محدود فكيف بمسؤول في شركة خدمات حكومية يكون لديه نحو عشرين نائباً!!».
«ليت المسؤولين والمديرين في القطاعين العام والخاص يعرفون مفهوماً إدارياً جديداً (قديماً): الإدارة بالحب وتأثيراته الإيجابية على المرؤوسين».
والله ولي التوفيق.
مستشار إداري واقتصادي
musallammisc@yahoo.com