قبل دقائق من المرور على كونتر الجوازات في المطار، ذكرتني زوجتى بورقة الموافقة على السفر. تجاهلت الموضوع بثقة، فعقد «الزواج» الطازج في جيبي، وسأقدمه في «عين» موظف الجوازات.
لكن أحلامي الواثقة أمام وضع استثنائي للمرأة في بلادي ليست دائما محقة.
لحظة الحقيقة بدأت أمام موظف الجوازات، بعد أن قدمت له جوازيّ سفرنا مشفوعين بعقد «الزواج»، نظر إلينا ثم سأل عن ورقة السماح بالسفر، أخبرته أننا للتو احتفلنا بزواجنا وفي طريقنا لشهر العسل.
ابتسم بلطف وقال: لا بد من ورقة مرور، لأن زوجتي حسب النظام لا تزال مرفقة في دفتر عائلة والدها. والأمر يتطلب مراجعة أعلى سلطة أمنية في المطار للنظر في حالنا، (فهل هذا الرجل الذي يقف على مسؤولية أهم مطار في البلاد «فاضي» لهذه التفاصيل؟!).
وجدت الطريق مسدوداً والرجل لا حول له ولا قوة.
بسرعة سحبت الجوازات وعقد الزواج من يد موظف الجوازات.
طلبت من زوجتي أن تتقدم من جديد لموظف الجوازات بجوازها لوحدها مع التفويض القديم من والدها.
وعلى الفور «ختم» على الجواز، ثم جاء دوري وحيدا!.
سألته «الآن مبسوط؟»، رد علي بخجل: «هذا هو النظام.. وش نسوي؟».
- «الله يعطيكم العافية ويعينكم بس نفسي أكتب مقال عن هالحالة» قلت له.
-» تكفى اكتب». رد بحماس، فهمت منه أنه يتعرض كثيراً لمواقف مشابهة بلا معنى.
موظف آخر قال لي «ما شفت شيء، هناك سيدات أعمال وأكاديميات يصرخن ويبكين ويولولن في مواقف مشابهة، ولكن لا أحد يجيب فموافقة ولي الأمر على سفر المرأة شرط لركوبها الطائرة..»!.
صديق أكاديمي يروي أكثر من قصة، أستاذات جامعيات وطبيبات يواجهن مشاكل مستمرة عند السفر لحضور ندوة أو مؤتمر، لدرجة أن البعض منهن ولظروف عائلية خاصة يصبح ولي أمرها ابنها المراهق. وفي حالة أخرى لسيدت أعمال قد يصبح أخوها المتحكم بقرار سفرها وعملها، فيما أخريات فضّلن الواسطة لتجاوز عقبة نظام جاحد لحقوقهن كامرأة كاملة الوعي والأهلية، لكن إذن السفر من ولي الأمر غير متوفر أو ضاع أو نُسي أو أصابه التلف.
والقصص التى رصدتها لا تنتهي، فهل حان الوقت لمراجعة صغائر سلطة الرجل، ومنح المرأة حقها لتشعر بأنها مكون أساسي محترم في مجتمعها ووطنها.
إلى لقاء