|
ويأتي العارض الجلل، وذلك بقبض روح الأديب الفاضل والموسوعة الشيخ عبدالله بن محمد الخميس -يرحمه الله- الذي انتشله الموت من على سريره إثر معاناة طويلة مع المرض، ولعل مناد له إن شاء الله يقول: يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي .
وإن كنت سأتحدث عن علم من أعلام المملكة، وعن هامة من هاماتها فإني لا أجد ما أتحدث به عن شخصه، فما سأقوله سيكون مجرد ومضات بسيطة من حياة ذلك الرجل، وإن أسعفتني ذاكرتي بشيء من ذلك الرجل فحتما لن توفيه حقه!!
فهو رجل رهن حياته، ووقته في طلب العلم، وأثرى الساحة بحضوره، وجمع شتات معلومات كانت متفرقة بين دفات الكتب؛ فقد رحل إلى أماكن عدة، أضنى حياته لنيل المقصود فناله بإذن الله، كيف لا وهو الذي أثرى الساحة الأدبية بالكتب الجليلة، التي ستخلد ذكراه بإذن الله، كيف لا وهو أول رئيس ناد أدبي في الرياض، كيف لا وهو مؤسس صحيفة الجزيرة الغراء، كيف لا وهو من أعطى وقته وجهده لمن يعرف ومن لا يعرف!!
لقد كان الابن البار لبلده المملكة العربية السعودية، ويجمع كثير ممن يعرفونه بأنه قد غطى جميع بقاع المملكة بحثاً ودراسة وتمحيصاً، وذلك من خلال رحلاته الكثيرة والمتواصلة لنشر المعرفة، واكتشاف الجديد.
ولم يكن نشاطه على المستوى الوطني فقط، بل كان له حضوره في المحافل الدولية، وذلك من خلال تمثيله للمملكة في عدد من الميادين والمناسبات؛ كما حصل على العديد من الدروع والأوسمة وشهادات التقدير من عدد من قادة الدول العربية والإسلامية والصديقة.
ومما جعله يتألق: دماثة خلقه ومحبته للناس، فقد كان محبا لهم فأحبوه وبادلوه تلك الشعور، بالإضافة إلى أنه كان شاعراً مبدعا في الفصيح وفي النبطي، فهو من جمع طرفي الشعر بفنيه، فصاغه في قصائد تخطف الألباب!!
كان له جهود كثيرة في الإعلام، سواء كانت تلفزيونية أو إذاعية، وكان من أبرزها برنامجه الإذاعي المعروف (من القائل)، والتلفزيوني (مجالس الإيمان).
وإن تحدثنا عن مؤلفاته، فهي كثيرة يصعب حصرها، وإن كانت كثيرة ومطبوعة، فإني أجزم بأن لديه عدد من الكتب التي لم تر النور من خلال النشر، ولعلني أهمس في أذن أبنائه بعزائي لهم وعزائي لأنفسنا على فقده، وأشد على أيديهم بأن يهتموا بمؤلفاته التي لم تنشر بأن يعقد العزم في نشرها على الفور، ولا بأس أن يستعينوا بالعديد من محبي شيخنا الفاضل لكي ترى النور، ويتم نشرها بإذن الله!!
ولعلني أتذكر في مخيلتي عدداً من كتبه التي تربو على خمسة وعشرين مجلدا، علماً بأن العديد منها يتألف من أجزاء عدة!! والتي لا يتسع المقام لذكرها!!
ذلكم أعزائي شيخنا الفاضل والهامة العالية التي هوت من هامات ذلك الوطن، إنه الشيخ عبدالله بن خميس. تقبل الله روحه الطيبة الطاهرة، وأنزل عليه شآبيب الرحمة والمغفرة، وألهم ذويه وألهمنا الصبر والسلوان، إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ، والحمد لله رب العالمين.