سعادة الأخ العزيز خالد المالك رئيس تحرير جريدة الجزيرة -سلمه الله-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أكتب لسعادتكم رداً على ما تناولته الأستاذة سمر المقرن في زاويتها الأسبوعية «مطر الكلمات» بجريدة الجزيرة ومع الاحترام لوجهة نظرها، فإنني لم أتعود أن أدخل في أخذٍ وردٍ على انتقادات كثير منها ليس له قاعدة أو حقيقة ويمثل رأياً شخصياً بحتاً يصل في أحيان كثيرة إلى مستوى التجريح الشخصي الغير المقبول.
لكن ما دفعني للكتابة في هذه الحالة هو ما لمسته من إساءة إلى تاريخ أعتز به وتعرفونه شخصيا يا أخي خالد، لأنه يمثل رصيداً من الإنجازات لرواد أفاضل وكوادر وطنية تشرفت بالعمل معهم في إطار الأسرة الواحدة والفريق المتكامل، ولعل ما أكسب تلك الإنجازات قيمتها ومغزاها أنها تحققت في ظروف بالغة الصعوبة وفي مرحلة هامة من مراحل التحول إلى الخصخصة بما كانت تتطلبه آنذاك من الانطلاق إلى فكرٍ جديد ونمطٍ مختلف في الأداء والحاجة إلى توفير البنية الاقتصادية والثقافية، وكلها تحديات كبرى أمكن ولله الحمد تجاوزها واستكمال خصخصة شركة الاتصالات السعودية كنموذج يحتذى به وتجربة يقتدي بها الجميع.
لقد استندت الخطة الإستراتيجية لتخصيص شركة الاتصالات التي تم تطبيقها بتوجيه ومتابعة من مجلس الإدارة، على أربعة محاور رئيسية تتمثل في:
- نشر الخدمة.
- تخفيض التكاليف.
- تحسين الخدمة.
- وضع النظم والتشريعات.
وحتى لا أطيل عليكم أو أستغرق في التفاصيل، أوجز لكم أن فترة الانتظار للحصول على خدمة الهاتف الثابت أو الجوال كانت تمتد لعدة أشهر بينما لم تكن هناك خدمات للمعلومات أو الإنترنت حيث أمكن وفي فترة وجيزة، نشر خدمات الاتصالات في جميع مناطق المملكة وعلى كافة الطرق الرئيسية والفرعية وكذلك نشر خدمات الإنترنت على أوسع نطاق.
هذا في الوقت الذي تم فيه تخفيض التكاليف بصورة كبيرة حيث انخفضت تكاليف الهاتف الجوال من 3500 ريال إلى الصفر وأسعار المكالمات من عدة ريالات للدقيقة إلى أقل من نصف ريال بينما تكاد خدمة الهاتف الثابت أن تكون مجانية، بينما أمكن في نفس الوقت، تحسين الخدمة من خلال التغلب على الانقطاعات المتكررة وعدم توفر الخدمة في مناطق عديدة وضعفها في مناطق أخرى حيث تم توفير هذه الخدمات بشكل سريع ومتكامل مع توفير مراكز الخدمة والفوترة على نطاق واسع.. وفي مجال التشريعات، عملنا مع الجهات المعنية على توفير نظم الاتصالات وفتح المجال للمنافسة في تقديم خدمات الجوال والمعلومات وغيرها من الخدمات مما وفر بدائل عديدة أمام المستفيدين وساهم في تحسين مستوى الخدمات بشكل جذري.
هذه الإنجازات التي أشرت إليها بإيجاز لم تكن نتاج عمل فردي بل كانت ثمرة لدراسات وجهود وتفان من مواطنين مخلصين في مقدمتهم معالي الشيخ خالد القصيبي رئيس مجلس إدارة شركة الاتصالات السعودية وكافة الأعضاء ومجموعة كبيرة من العاملين في جميع التخصصات هؤلاء جميعاً قادوا بكفاءة ونجاح قياسي، عمليات تحويل شركة الاتصالات السعودية من قطاع حكومي إلى قطاع اقتصادي منافس، الأمر الذي كان له الأثر الإيجابي الكبير في نشر الخدمة وزيادة الفعاليات الاقتصادية عن طريق إيجاد روافد إنتاجية واستثمارية في عمليات التصنيع والمقاولات والتجزئة والتسويق والدعاية والإعلان، وكما تعلمون سعادتكم، فإن جريدتكم الموقرة مع كافة الصحف المحلية قد حققت الاستفادة القصوى من النشاط الإعلاني الكبير الذي صاحب هذا التطور وكذلك من جو المنافسة المميز في هذا القطاع، مما ساهم في تدوير رأسمال غير منظور يصب في صالح الاقتصاد الوطني.
لهذا فقد شعرت أن من واجبي إيضاح ذلك لكم ليس دفاعاً عن شخصي وإنما من منطلق الأمانة والوفاء لكل من شرفت بالعمل معهم لتحقيق هذه الإنجازات التي يتم الآن البناء عليها لتحقيق قفزات تطويرية واسعة نعتز بها جميعاً.
أما بخصوص ما أشارت إليه الأخت سمر عن رغبة الخطوط السعودية في رفع أسعار التذاكر فقد كنت أود لو حاولت بالاستفسار عن ذلك من الخطوط السعودية أو الاطلاع عما يصدر عنها في هذا الشأن وبالتالي يمكن البناء على معلومة صحيحة بدلاً من الحصول على المعلومة من بعض الكتاب الذين لا يلتزمون في بعض الأحيان رغم كامل الاحترام والتقدير لهم، بقواعد الموضوعية أو الدقة في النقل حيث كان بإمكانهم الرجوع إلى ما نشرته «السعودية» في هذا الصدد بجميع الصحف المحلية ومن بينها جريدة الجزيرة بتاريخ 16-5-1432هـ الموافق 20-4-2011م مؤكدين لكم مرة أخرى، أنه ليست هناك نية أو توجه لرفع أسعار التذاكر الداخلية رغم أنها لا تغطي الحد لأدنى من تكاليف التشغيل فالخطوط السعودية تعمل على القطاعات الداخلية من منظور وطني وليس من منطلق الجدوى الاقتصادية المتعارف عليها هذا في الوقت الذي نؤكد فيه على تقديرنا وترحيبنا بكل الملاحظات الموضوعية التي ترد عن الخطوط السعودية بصحافتنا المحلية حريصين على الإجابة بالحقائق في جميع الأحوال.
أما بشأن ما تطرقت إليه الأستاذة سمر عن خدمات «السعودية» وانضباط مواعيد رحلاتها وطوابير الانتظار على الرحلات الداخلية، نشير إلى تواصل جهود التطوير في المؤسسة من خلال خطة إستراتيجية بدأ تطبيقها منذ خمس سنوات وتضمنت:
- تحديث الأسطول بإمكانات ذاتية من خلال الاستحواذ على (88) طائرة جديدة تم استلام (44) طائرة منها ودمجها في المنظومة التشغيلية خلال ستة عشر شهراً فقط وهو عمل كبير تم إنجازه بكوادر وطنية أبهرت الخبراء الدوليين في صناعة النصل الجوي والشركات المصنعة للطائرات.
- تحديث البنية التقنية والاستفادة من إمكانات التقنية الحديث في تطوير الخدمات حيث يمكن للمسافر اليوم وبشكل ذاتي عبر الإنترنت إجراء الحجز وشراء التذاكر عن طريق نظام سداد إلى جانب اختيار المقاعد وإصدار بطاقات الصعود للطائرات ثم التوجه مباشرة إلى بوابة المغادرة بالمطار، وقد وجدت هذه الخدمات الجديدة إقبالاً فاق كل التوقعات حيث يستفيد منها حالياً أكثر من نصف المسافرين الكرام.
- تحقيق زيادة قياسية في أعداد الرحلات من (122.813) رحلة في 2005م إلى (161.265) رحلة عام 201م من بينها 68% من الرحلات على القطاع الداخلي وبذلك فقد ارتفع المعدل اليومي للرحلات من 280 رحلة في 2005م إلى حوالي (470) رحلة في الوقت الحالي بينما زاد عدد الركاب من (16.832.06) راكب إلى ما يقارب (19) مليون راكب في 2010م بزيادة سنوية تقارب النصف مليون راكب.
- العمل وبشكل مستمر على زيادة الرحلات الداخلية بين المدن الرئيسية ومختلف مناطق المملكة حيث تم في أول نوفمبر 2010م وعلى سبيل المثال، زيادة الرحلات على قطاع الرياض -جدة- الرياض إلى 12 رحلة يومياً في الاتجاه الواحد ستزيد بمشيئة الله مع بداية شهر أغسطس 2011م إلى 18 رحلة يومياً في الاتجاه الواحد بواقع رحلة على رأس كل ساعة تقريباً علما بأن هذا القطاع يمثل نسبة 25% من إجمالي الحركة على القطاعات الداخلية.. هذا إلى جانب توفير مليوني مقعد إضافي على جميع القطاعات الداخلية يضاف إلى ذلك قيام «السعودية» بإعادة التشغيل إلى المحطات التي انسحبت منها شركات الطيران الأخرى التي لجأت إلى التشغيل الدولي نتيجة لتدني أسعار التذاكر الداخلية.
- تطوير خدمات الحجز وزيادة الطاقة الاستيعابية للمكالمات من 13 مليون مكالمة في 2005م إلى 18 مليون مكالمة في 2010م مع التوسع في الخدمات الذاتية لتأكيد أو إلغاء الحجز وكذلك معرفة حالة الحجز وجداول الرحلات والمواعيد الفعلية لوصول ومغادرة الرحلات.. يضاف إلى ذلك خدمات الاتصال التفاعلية مع العملاء عبر هواتفهم النقالة للحصول على نفس هذه الخدمات على مدار الساعة.
- تحسين معدل انضباط مواعيد الرحلات إلى 84.28% في 2010م وهذه النسبة تفوق ما حققته بعض من كبريات شركات الطيران الأمريكية في نفس العام التي بلغت 83.43% لشركة يونايتد و83.08% لشركة دلتا و78.09% لشركة كونتيننتال، علما بأن نسبة 25% من تأخير الرحلات ترجع إلى الأحوال الجوية في أنحاء المملكة وحول العالم يضاف إليها الأسباب الأخرى مثل ازدحام المطارات والممرات الجوية والإجراءات الأمنية وجميعها أسباب خارجة عن الإرادة.. أما الأسباب الفنية الطارئة التي تواجه رحلات «السعودية» وغيرها من جميع شركات الطيران في العالم، فإن الخطوط السعودية لا تسمح بمغادرة الطائرة إلا بعد استيفاء عمليات الإصلاح بشكل كامل فالسلامة تأتي دائما على قمة الأولويات، وهنا تجدر الإشارة إلى أن هذا النوع من التأخير يجد تفهما متزايداً من المسافرين بالمملكة وحول العالم لأنه يتعلق بسلامتهم أولاً وأخيراً.
- تطوير قطاع الصيانة بالخطوط السعودية الذي يعد وبجدارة القطاع الأكبر لصيانة الطائرات والمحركات على مستوى المنطقة الذي تحول مؤخراً إلى «الشركة السعودية لهندسة وصناعة الطيران» والحاصل على التراخيص الدولية من هيئتي الطيران الفيدرالية الأوروبية والأمريكية لإجراء أعمال الصيانة الرئيسية لطائرات الخطوط السعودية والطائرات المسجلة في أوروبا والولايات المتحدة وهي التراخيص التي يتم تجديدها سنويا بعد التقييم الميداني من قبل الخبراء الدوليين في تأكيد على تميز كوادرنا الفنية في هذا القطاع البالغ عددهم 5523 موظفا بنسبة سعودة 90% علما بأن هذا القطاع الحيوي يقدم خدمات لأكثر من 40 شركة طيران بمطارات المملكة والمحطات الدولية.
- تضمنت الخطة كذلك تطوير أكاديمية الأمير سلطان لعلوم الطيران التي تعد اليوم من أحدث الصروح التدريبية العالمية في مجال الطيران ونظم السلامة الجوية وتقدم خدماتها التدريبية لأبناء الوطن والطيارني العاملين في شركات الطيران الأخرى بالمنطقة تأكيداً لما تتميز به من التجهيزات والبرامج التدريبية المتقدمة.
هذا ومن منطق الاعتزاز بدور الإعلام وتأثيره الإيجابي في تثقيف وتوعية المسافرين، تتطلع الخطوط السعودية إلى دعم سعادتكم والكتاب الأفاضل لجهود توعية المسافرين بأهمية التخطيط المسبق للسفر خاصة قبل مواسم الذروة حيث لا يمكن لأي شركة طيران في العالم مهما أوتيت من إمكانات أن تلبي كافة المتطلبات، كما نتطلع أيضا إلى التكرم بدعم مناشداتنا المستمرة للمسافرين الكرام بالحرص على إلغاء الحجز المؤكد عند العدول عن السفر سواء بالاتصال عبر الأرقام المخصصة لذلك أو عن طريق الخدمات الذاتية أو الهاتف النقال وذلك لإتاحة الفرصة للغير علماً بأن متوسط المقاعد المهدرة سنويا رغم الإجراءات المتخذة للحد من ذلك، لا يزال عند معدل الأربعة ملايين مقعد سنويا مما يسبب الضرر الجسيم لمؤسستنا الوطنية فضلا عن الإساءة لصورتها عندما يصعد المسافر للطائرة ليجد العديد من المقاعد الشاغرة رغم طوابير الانتظار بالمطار غير مدرك للسبب الحقيقي وراء ذلك.
وفي الختام.. أؤكد لسعادتكم من واقع ما سبق، ورغم بعض السلبيات التي لا ننكرها ونعمل جاهدين على معالجتها، على حقيقة أن الخطوط الجوية العربية السعودية ليست مجرد شركة طيران، بل هي صرح اقتصادي من صروح بلادنا الغالية ومؤسسة وطنية عالمية تضم ما يقارب العشرون ألفاً من أبناء الوطن وتحرص على الارتقاء بمستوى أدائهم تدريبا وتأهيلا وابتعاثا في الوقت الذي تبادر فيه كل عام برعاية عشرات الفعاليات والمناسبات الثقافية والرياضية والسياحية والاجتماعية وفاء بمسؤوليتها الوطني وتعزيزاً لدورها الرائد في خدمة المجتمع السعودي كل ذلك يدفعنا إلى التطلع إلى شيء من الإنصاف من أصحاب الأقلام.. إنصاف يحفز الآلاف من أبناء الوطن العاملين على مدار الساعة في جميع المواقع وعلى متن الطائرات، نحو المزيد من العطاء والتميز، آمل أن يجد ردي هذا مكانه في جريدتكم الموقرة راجياً كذلك أن لا تكون الأخ سمر أو غيرها من الكتاب ممن يقال عنهم «لا تُزعجني بالحقائق.. فقد اتخذتُ قراري» راجياً لكم دوام النجاح والتوفيق.
خالد بن عبدالله الملحم
مدير عام الخطوط الجوية العربية السعودية