ما أسعد لحظات اللقاء، وما أروع ساعات الصفاء، وما أطيب تشريف اللقاء مع أهل القرآن، القرآن كلام الرحمن، يخاطب النفس فتخشع، والقلب فيخضع، والأذن فتسمع، والعين فتدمع، ولو نزل على صخرٍ لتصدع، من تمسك به نجا وأفلح، ومن حاد عنه خسر وشطح.
ودولتنا المباركة لم تقم إلا على القرآن الكريم، وسنة سيد المرسلين، فجعلته منهجاً في الحياة، ومصدراً للتشريع، ودستوراً للأحكام، وبذلت في سبيل تعليمه ونشره الغالي والنفيس، على كافة الأصعدة المحلية والدولية، إيماناً بأهميته، واستشعاراً للمسؤولية الملقاة على عاتق أبناء هذه الأرض الطاهرة، فكان القرآن كحل عيونها، وسر تفوقها وعلوها.
القرآن سمير وأنيس، وصاحب وجليس، العمل به نجاة، والتحاكم إليه فلاح، فهو كلام الله تعالى، وأمانة جبريل، ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم، هو دستور الأمة، ومنهج الحياة، ومشروع الحضارة، ومنطلق الدعوة، ووثيقة إصلاح، وحل مشكلات البشرية، وشفاء لأسقام الإنسانية، هدى للناس، وبشرى للمؤمنين، فما أحوجنا إلى التمسك بكلام رب العالمين.
تم بحمد الله تعالى وتوفيقه اختتام أعمال المسابقة المحلية على جائزة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم للبنين والبنات في دورتها الثالثة عشرة لعام 1432هـ بمدينة الرياض.
ففي الأسبوع الماضي بدأ وصول المتسابقين والمتسابقات لمدينة الرياض حفاظ كتاب الله تعالى الذين خاضوا غمار التصفيات والتنافس الذي بدأ في المحافظات ثم في المناطق بجهد كبير وعمل دؤوب قامت به الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في مملكتنا الغالية فكان التنافس كبيراً بين تلك الفتية فيما بينهم وتلك الفتيات الآتي دخلن في التصفيات النهائية لقد شاهد الجميع تلك الأجواء الإيمانية القرآنية فقد تعطرت المسامع بتلاوات المتسابقين ودوى ترتيلهم الجنبات فكم هي جميلة تلك الأيام المباركة وتلك اللحظات الطيبة التي كنا نحيا بها فتزول تلك الغفلات عن القلوب وتطمئن الأبدان ونحن نسمع كتاب الله يتلى بكرةً وعشياً ترنمت الحناجر بالقرآن الكريم ورتلوه خير ترتيل وتنافس المتنافسون على كتاب عظيم غايتهم رضا الرحمن والتقرب إلى المولى الكريم فلله درهم ما أسعدهم وما أجمل صورهم وهم يتلون كتاب الله سعدوا بحفظهم للقرآن الكريم وعلا سمتهم بين الناس وزانت أخلاقهم وحسنت معاملتهم، شباب وفتيات جاءوا للتنافس وقلوبهم ملئها كلام الرحمن.
أما لجان التحكيم فقد بذلت جهداً كبيراً وعملاً متواصلا ليلاً ونهاراً ودقة في المواعيد والتحكيم والانسجام الذي كان بين أعضائها وتلك الجهود الطيبة التي بذلت من الإخوة أعضاء اللجان الذين سهروا وتابعوا كل ما يخدم المشاركين والمشاركات كل في مجاله وتخصصه لقد اضمحل التعب والسهر والمشقة وهم يستشعرون أنهم يخدمون حملة القرآن الكريم وأهل الله الذين هم أهله وخاصته.
وهذه المسابقة ليست بدعاً من الأمر، فهي منذ انطلاقتها، وحتى بلوغها الثالثة عشرة من العمر وهي تحظى بدعم غير محدود، وبابٍ غير موصود من لدن صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، الذي سخر وقته لدعم أعمال البر عامة، حتى بزّ بجوده الأعلام، وأتعب بسيرته الأقلام، وجعل للقرآن والعناية به نصيب الأسد راجياً في ذلك الأجر والثواب، وراغباً في الجود من رب الأرباب.
وأخيراً أهمس بصوت مسموع لكل المشاركين والمشاركات في هذه المسابقة الطيبة فأقول: القرآن مال من لا مال له، وعشيرة من لا عشيرة له، هو السلوة في الغربة، والأنس في الوحشة، تلاوته أجر، وحروفه حسنات، ومطالعته بركات، وتدبره رحمات، فعليكم بالتمسك به، والسير على منهاجه، وامتثال أوامره، واجتناب زواجره، فهو الذي يدفع الشك باليقين، والوهم بالحقيقة، نعم الزاد للمسلم والمسلمة وهي فرصة أن أسوق آيات من الشكر والعرفان، وأقدم إكليلاً من الورد والريحان لمقام صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، فله من الله تعالى عظيم الأجر والجزاء، ومنا خالص الدعاء، وصادق الثناء.
وأقدم الشكر العاطر، لمعالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ: صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ، حيث تولت الوزارة تنظيم المسابقة، والإشراف عليها، وجعلتها ضمن حقيبة الأعمال التي تقوم بها، فبارك الله في جهودهم، وشكر لهم صنيعهم، وأجزل لهم الأجر يوم الحشر.
فلله الحمد رب السموات ورب الأرض رب العالمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
* الأمين العام لمسابقة القرآن الكريم المحلية والدولية بوزارة الشؤون الإسلامية