وصلني عبر بريدي خبر مسابقة للفنون التشكيلية تقيمها إحدى البنوك، وتذكرت حينها مسابقة أخرى سابقة كنا قد استبشرنا خيرا بها حيث توقعنا أن يكون لها دور في الدعم ونشر الثقافة البصرية، ولكن تفاجأنا بنتائجها وطريقة الإعلان والمبالغة في عنصر التشويق لأجل التسويق الذي طغى على روح المسابقة ذاتها، وكيف بنيت أهدافها والرؤية التي تقف خلفها على قواعد تسويقية بهدف الوصول إلى شريحة معينة من خلال مجال الفنون البصرية أكثر من كونها تخدم المجال ذاته، وهو شيء طبيعي ومقبول لأهداف تجارية إلى حد ما، لكن الإشكالية هي تأثير نتائج المسابقة السلبي، وهذا لا يعني أنه لم يكن لها جوانب إيجابية، وسوف أحاول توضيح رؤيتي في كلا الجانبين من خلال هذا المقال.

أعود للمسابقة القديمة، فقد احترت حين اطلاعي على شروط المشاركة، ومنها عدم قبول الأعمال التي تحمل صور أشخاص أو كائنات حية، علما بأنها منتشرة في المعارض والمسابقات المحلية، ومعظم المشاركات كانت من هذا النوع، فحصل أن تم استبعاد تلك الأعمال من الجوائز مع عدم استبعادها من العرض.

ثم يأتي يوم إعلان النتائج لتتوالى المفاجآت، وغالبها منصب في الأسماء الفائزة، والتي حصل فيها لبس لأعذار مختلفة بين اللجنة المنظمة وبين المشاركات وبين لجنة التحكيم التي طُلب منها تحكيم الأعمال مرة أخرى وعن بُعد لأسباب مختلفة، وتفاجأ البعض منهم بالنتائج النهائية. أيضا ربما أكثر ما أثار حفيظة المشاركات هي طريقة الإعلان عن أسماء الفائزات، وكأنها جائزة سحب على سيارة أو نتائج فوازير رمضان، أو يا نصيب! فقد اكتشفنا أن المنظمين قاموا بالاتصال على جميع المشاركات ودعوتهن للحضور ولم يتم الإعلان عن الفائزة سوى في الحفل! وهو ما أغاض نسبة غير قليلة من المشاركات اللاتي كان عددهن بالمئات واللاتي عبرن عن استيائهن بسبب عدم الفوز، بل لم يكن أمام عدد منهن سوى صب جام غضبه وانتقاده على لجنة التحكيم، ولم يكن لديهن علم بأن تلك اللجنة أيضاً كان لها تحفظ على إجراءات المسابقة، فكان هذا الأسلوب فيه نوع من التدليس لاستقطاب الحضور والذي أراه غير مناسب خصوصا مع اتجاه البنك إلى التعامل الإسلامي منذ البداية.

وأعتقد شخصيا أن سبب هياج المشاركات يعود إلى أن أسلوب تسويق المسابقة لم يكن واضحا فيه نوعية المشاركات المتوقعة، هل هي للمحترفين أم الهواة؟ فتفاوتت المشاركات، وبسبب ضعف الثقافة التشكيلية لدينا يصعب على الكثير معرفة آلية التحكيم، أو ما هو العمل الفني الناجح كسؤال طرح علي بشكل متكرر يوم إعلان النتيجة، فالعديد من المشاركات كانت تعتقد أن القدرة على النقل هي المعيار الوحيد، ولا يعي نسبة غير قليلة أن الفن نشاط ثقافي أكثر منه حرفي يعتمد على الفكر الذي يحمله العمل إضافة إلى الجوانب الجمالية والتعبيرية، بل ظهر تفاوت المستويات بسبب عدد المشاركات الكبير جدا، فهناك مواهب جيدة في النقل ومبشرة كمرحلة أولى، ولكنها ليست تجارب ناضجة بعد في مجال الفنون البصرية، وأخشى أنها أحبطت بعدم فوزها، وهذا هو أحد التأثيرات السلبية الكبرى من وجهة نظري. ولكن أكرر بسبب عدم وجود ثقافة عامة في مجال الفنون البصرية وتاريخ الفن يجهل العديد حتى من ممارسي الفنون أهم القواعد الأساسية في تحكيم الأعمال.