اطلعت على مقال نشر في صحيفة الجزيرة الغراء صفحة الرأي يوم السبت الماضي الموافق 4-6 للأستاذ محمد بن عبدالله العمري بعنوان قرارات مؤثرة سلباً على صناعة النقل الجوي الداخلي في المملكة. صحيفة الجزيرة الغراء ما فتئت تطالعنا من حين لآخر بمواضيع جديرة بالقراءة والوقوف عندها كثيرا لما تحمله من شفافية وموضوعية وأجدها فرصة مواتية لأشيد بالأستاذ خالد المالك رئيس التحرير وكافه أسرة صفحة الرأي وجهودهم المشكورة. المقال استرعى ولفت انتباهي لما فيه من إثارة وجدية في الطرح وواقعية، الذي دعاني لقراءته من بدايته إلى نهايته بتمعن. خرجت بمحصلة ومعلومات قيمة جدا يستفيد كل من قُدِّر له واطلع على هذا المقال. عرّج الكاتب وانطلق على عدة محاور ولست هنا بصدد سرد المقال، بل أتطرق إلى الرؤى والحقائق التي سلّط الأضواء عليها شخص عاصر الشأن السعودي لمدة تزيد على ربع قرن ويعمل الآن في هيئة السياحة وله علاقة وطيدة بهذا الموضوع، وهذا ما دفعني للكتابة والتعليق على هذا المقال. ما ذهب إليه الكاتب من أن الخطوط السعودية تعاني الكثير من الخسائر لتسيير الرحلات الداخلية وأسبابها هو التذاكر الحكومية أو المرضى وخلافه، وقد أكد ذلك مدير عام السعودية في منتدى جدة الاقتصادي مؤخراً حيث بين أن التشغيل في الداخل مخسر لأسباب معروفة. اتخذت هيئة الطيران المدني قراراً إستراتيجياً خلال الأشهر الماضية بالسماح لثلاث شركات طيران خليجية بالعمل من بعض مدن المملكة لنقل مواطنين، مقيمين، عمالة إلى دولهم والعكس وقد أيد ذلك القرار مجلس الشورى وبالتالي الأرباح ستكون لتلك الشركات ولأن الرحلات الدولية مربحة في الأول والأخير. وقد بين الكاتب في بداية سرده كيف كانت المتغيرات في صناعة النقل الجوي السعودي، المحلي من دخول شركات طيران جديدة سعودية (سما، ناس) منذ أكثر من ثلاث سنوات على إثرها تركت (السعودية) بعض المحطات الداخلية لتلك الشركتين السعوديتين وأعادت جدولة ساعات العمل التي كانت تعمل في الداخل وذلك بتسيير رحلات دولية وهي بلا شك مربحة ولتعويض الخسائر جرّاء الرحلات الداخلية، بقيت شركتا سما، ناس تدوران حول نفسها إلى أن اضطرتا لاستباق الزمن وقامتا بتشغيل رحلات دولية لتغطيان خسائرهما الداخلية قبل انتهاء المدة المسموح بها للتشغيل. لم تستطع شركة سما الاستمرار واتخذت قراراً بتعليق رحلاتها، وقد طرح الكاتب في مقاله حلولاً لهذا الأمر لمعالي رئيسيئة الطيران المدني الجديد أن يتبنى العرض على هذه الشركات الخليجية أن تساهم في خط محلي داخلي ذهابا وإيابا مستقل عن خط سيرها الدولي قبل أن تقلع بركابها الدوليين على أن يكون وصولها للمملكة للمطار المحلي أولا وليس الرياض، جدة، الدمام.
رسالة أخرى إلى معالي رئيس مجلس الشورى التعديل على قرارهم الأخير وهو تأييد ما جاء في القرار الأخير للطيران المدني بالموافقة على تسيير الرحلات الدولية للشركات غير السعودية من بعض مدن المملكة وبأن تلزم شركات الطيران المشار إليها تسيير خط داخلي وهو نفس ما جاء في رسالة رئيس الطيران المدني، وبذلك نضمن اقتصاديات البلد للنقل الداخلي الحقيقي فقط وليس الداخلي الدولي. من هذا يتضح أن هناك نشاطين أحدهما رابح والآخر خاسر وهنا نتساءل أين المصلحة العامة هنا؟ وإجابته التي قد يراها البعض خاطئة وهي أن المصلحة في الأول والأخير ستكون لشركات الطيران غير السعودية لأنها هي المستفيدة من تسيير الرحلات الدولية وبالتالي انتزاع لقمة مربحة من الناقلتين السعوديتين. في حالة تطبيق هذه الرؤى وهذا الطرح المبني على استنتاجات وحقائق بعد البحث الدقيق وعمل الدراسات والجدوى الاقتصادية وما ينعكس ذلك على السعودية، ناس، يتأمل أن تتغير الأمور إلى الأفضل وما يتوخاه المسؤول والمواطن في خدمة أفضل وفي المقام الأول زيادة الأرباح للخطوط السعودية، سهولة الحجز للمواطن والمقيم داخل المملكة لوجود أكثر من ناقلة داخلية حيث يتعذر أحيانا أو استحالة الحجز في بعض الأيام والمواسم.. استفادة السعودية في أخذ الفرصة في إعادة برمجتها للرحلات الدولية وفي زيادة عددها وبذلك نكون منصفين في حقها وأزحنا عن كاهلها الكثير من الضغوط يأتي في مقدمتها الخسائر... وقدمنا الحلول القطعية وضمان الحصول على الربح المفقود.
إن التنمية أساس وركيزة من ركائز النمو الاقتصادي لأي بلد بالأخذ بكل الأسباب المؤدية إلى التخطيط والرؤية الثاقبة واستشراف المستقبل ولا غرو أن المسؤولين في هيئة الطيران المدني ودعم مجلس الشورى، والخطوط السعودية حريصون على أخذ هذه الأمور بعين فاحصة لوضع الأمور في نصابها ولكي تمضي الخطوط السعودية في الطريق الصحيح بتحمل أعبائها ومسؤولياتها وما هو مطلوب منها بشكل أفضل وتقديم نفسها بشكل مثالي كناقلة من أقدم الناقلات وتكسب ثقة عملائها وأن تتبوأ المكانة اللائقة بها، وأنها تمتلك اسما وحضوراً مميزاً بين مثيلاتها ولتؤكد مجدداً أنها تستحق ذلك ولا زالت الناقلة المفضلة للكثير صاحبة الريادة وتخطو خطوة وثابة إلى الأمام وتضع قدمها على مصاف الشركات الأخرى حيث افتقدت المنافسة مؤخراً ومضى الآخرون قدما بخطوات متسارعة.
محمود أحمد منشي