يطيش الكلام، وتكثُر الأقاويل ومن ثم التأويلات حول المرأة السعودية وأوضاعها، بما تحقق إيجابياً أحياناً، وبما توقفت عنده سلبياً أحياناً أخرى. واختلفت المطالب والأولويات التي في مجملها مشروعة وتعمل لصالح المرأة في النهاية.
وبما أنه لا أحد يختلف على أهمية مشاركة المرأة والنهوض بدورها لتكون شريكاً حقيقياً وليس «شكلياً» في بناء هذا المجتمع، فأتصور أنه من الضروري بناء إستراتيجية واضحة المعالم لأوضاع المرأة ومتطلباتها من أجل تفعيل دورها من خلال خطوات مدروسة. وفي هذا الصدد، حينما نتحدث عن هذا الأمر فإننا قد نتوه ما بين الجهة التي من الممكن أن تقوم بهذا الدور، وما بين التحرك الصريح للقيام برسم هذه الإستراتيجية. وفي رأيي الشخصي، فقد آن الأوان لإيجاد صرح يقوم تحت مسمى: «المجلس الأعلى للمرأة» أو «وزارة شؤون المرأة» أو أي مسمى من شأنه القيام بهذا الدور الوطني، الذي أنا متأكدة منه، أن هذا الصرح سيسد الطريق وسيغلقه تماما أمام من يحاول المزايدة على أوضاع المرأة السعودية، أو استغلال هذه الثغور لمصالح شخصية!
نساء السعودية مؤهلات بما فيه الكفاية علميا ومهنيا لتشغيل هذا المجلس أو الوزارة، ومتابعة التجارب القريبة منا في هذا المجال مهمة وكفيلة بأن تعطينا ثمار هذه التجربة. فهناك المجلس الأعلى للمرأة في مملكة البحرين، الذي ترأسه سمو الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة. ولهذا المجلس تجربة جديرة بالتأمل والاستنساخ، حيث يقوم بعمل الدراسات والبحوث التي تخص المرأة، وأعتقد أن هذه الجزئية تحديداً ستساعدنا في تحاشي تلك الدراسات التي نراها ما بين الحين والآخر تتحدث عن المرأة السعودية دون توضيح لأساسها العلمي والمنهجي، وتخرج علينا بنتائج غريبة تؤكد لمن يطلع عليها عدم الحيادية في انتقاء الشريحة التي ارتكزت عليها هذه الدراسات.
الأمر الآخر الذي يُمكن أن نطلع عليه من التجربة البحرينية، هو مركز شكاوي المرأة. ولهذا المركز المتكامل أربعة أقسام لكل منها دور محدد لاستقبال الشكاوي والمساهمة في حلها عن طريق التنسيق مع الجهات المختصة. وفي هذا الصدد، فإن الطفرة الحقوقية التي نعيشها في المملكة والتي ساهمت بشكل كبير بإيجاد وعي حقوقي لدى الجميع بشكل عام، والنساء بشكل خاص. ومع هذا، فما زالت بعض الجهات لا تملك الصلاحية أو ليس لديها النظرة الشاملة للآلية القانونية التي من خلالها تتمكن من مساعدة النساء. أضف إلى ذلك، أن مساعدة هذه الجهات للمرأة ما زالت مساعدة وقتية أو ارتجالية. وفي حال أصبح لدينا مجلس أو وزارة للمرأة، وبمركز لشكاوي المرأة، فسيكون الحل أقصر وأسهل. خصوصا وقد بدأت جامعاتنا بتخريج عدد ليس بالقليل من المتخصصات بالقانون، وهؤلاء الخريجات نساء البلد بحاجتهن، وهن أيضا بحاجة لوظائف تتواءم مع شهاداتهن.
ثمة أمر هام يدعوني إلى التأكيد عليه في هذه الفكرة، وهو أن هذه الوزارة التي باتت المرأة السعودية بحاجة ماسة لها، أيضا ستستوعب مئات الفتيات العاطلات عن العمل، ففي تصوري أن معظم التخصصات سيكون لها مجال في إدارات وزارة شؤون المرأة.
بقي القول، إن المرأة السعودية ومنذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر ظهرت ضمن المسرحية الأمريكية كواحد من أهم العناصر التي يلوكها الإعلام الغربي. هذا لا يهمني مطلقاً، ولا أبحث عما يغير هذه الصورة، ما يهمني تحديداً، هو التغيير والإصلاح لأجل هذا الوطن لا غير.
www.salmogren.net