قبل أن تستثمر أموالك في دولة أجنبية تأكد من مستوى الشفافية وسيادة القانون، وإلا فقد تعود بأحد خفي حنين. وإذا كنت لا تثق في الأرقام والمزاعم الرسمية عن مستوى النزاهة فإنني أحييك، وأهدي لك مُؤشرات غير تقليدية تستطيع بواسطتها وبعد زيارة سريعة للدولة المُستهدفة تحديد درجة الشفافية والنزاهة فيها. سيكون أول من يُقابلك من رجال تنفيذ القانون في تلك الدولة موظف الجوازات. حاول استفزازه بسؤال ساذج، فإن ابتسم رغم ذلك فهذا مؤشر إيجابي لأن هذه الابتسامة ليست لسواد عينيك وإنما تنفيذاً لأمر (قانون) صادر له من رؤسائه، وما دام يُنفذ هذا القانون فإن القانون عندهم بخير. وبعد انتهاء إجراءات الوصول استأجر سيارة، فإن طلبوا ضمانات وشروط وإجراءات متشددة فاعلم أنهم يعلمون أن لا حماية لسياراتهم سوى ضماناتهم. وبعد انغماسك في زحمة المرور بالمدينة جرب استعمال إشارة الانعطاف كأنك تنوي الانتقال للصف الآخر، فإن تريث سائق السيارة التي في الصف الآخر فور رؤيته الإشارة لإتاحة الفرصة لك فهذا مؤشر إيجابي، لأن الإشارة تعبير مادي عن القانون، أما إذا دعس على دواسة البنزين فاعلم أنك قد تكون في الرياض. وقبل الوصول إلى الفندق تأمل في المدينة للبحث عن مظاهر وجود الحكومة، وبصفة خاصة المظاهر العسكرية. فإن رأيت الثكنات ونقاط التفتيش منتشرة في الأحياء، جاثمة على صدور البائسين، والجنود المدججون بالسلاح يذرعون الشوارع، فاعلم أنك في أحد دول جنوب الصحراء الأفريقية، وتأكد أن القانون يوجد عندهم في المطبوعات فقط. أما إذا لم تُشاهد أي أثر للحكومة وكأنه لا يوجد حكومة، فقد تكون في أوروبا أو في دولة الإمارات. وعندما تصل إلى الفندق راقب موظف الاستقبال، فإن رماك بنظرة الريبة وهو يدقق في وثائق سفرك وبطاقاتك ويُسجل كل شيء عنك في حاسوب متطور فهذا مؤشر سلبي. أما إن بادرك بمفتاح الغرفة فاعلم أن القانون بخير. بعد أن تأخذ قسطاً من الراحة خذ جولة في المدينة واسأل عن تعامل السلطة والمواطنين مع الأطراف الضعيفة التي لا يحميها إلا القانون، مثل المُشاة، وذوي الاحتياجات الخاصة، والنساء، والأجانب. فلو لاحظت مثلاً وجود خطوطٍ بارزة على الأرصفة لإرشاد فاقدي البصر فإنني أضمن أنك لن تخسر أموالك في هذا البلد لصالح تمساح قوي. أما إذا احتجت إلى استئجار تاكسي للعبور إلى الضفة الأخرى من الشارع فاعلم أن حقوقك كمُستثمر أجنبي لن تكون أهون عليهم من حقوق الُشاة.
ibrahim@alnaseri.com