حاوره - حمود المطيري

قدمت إدارة أوقاف صالح عبدالعزيز الراجحي برامج خيرية متميزة ومتنوعة على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي؛ ولعل مما يلفت الأنظار في الوقت الحالي مشاركتها الفاعلة في التوعية بأضرار المخدرات وتبني ورعاية حملة توعوية متكاملة في مدينة الرياض بالتعاون مع عدة جهات رسمية، ولذا كان لنا هذا اللقاء مع سعادة الدكتور عبدالله بن محمد المطوع مدير القطاع الخيري في إدارة أوقاف صالح عبدالعزيز الراجحي الذي يوضح فيه أبرز النقاط حول هذا البرنامج التوعوي:

) كيف جاءت مساهمة إدارة الأوقاف كمؤسسة خيرية في التوعية بأضرار المخدرات؟

- دولتنا المباركة وفقها الله بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو وولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني رعاهم الله بذلت جهوداً كبيرة في محاربة هذه الآفة من خلال التصدي لمهربيها ومروجيها والتوعية بأضرارها واحتواء متعاطيها بالتأهيل والعلاج، ومع ذلك فقد أكد عدد من المسؤولين والمختصين بمكافحة المخدرات بأن الجهد الأمني غير كافٍ وحده في مواجهة خطر المخدرات دون شركاء فاعلين من مؤسسات المجتمع والأسرة والمدرسة والمسجد والإعلام، بهدف تنمية وعي شامل بخطورة هذه الآفة، والتبليغ عن المهربين والمروجين، إلى جانب تطوير برامج الوقاية، والحد من تأثير العوامل المسببة للتعاطي، ولذلك جاءت هذه المبادة من إدارة الأوقاف في هذه الجهود المبذولة للوقاية من أضرار المخدرات والتوعية بأخطارها بتبنيها الكامل لبرنامج توعوي متكامل يحمل اسم (إدارة أوقاف صالح عبدالعزيز الراجحي للتوعية بأضرار المخدرات، «برنامج حياة»)، ورأت أن ينفذ بالتعاون والتنسيق مع المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بحي النظيم والجنادرية، بالإضافة إلى التعاون مع عدة جهات رسمية أخرى، وفي مقدمتها جهاز مكافحة المخدرات الذي يقدم أعمالاً كبيرة في جانبي التوعية والمكافحة، كما تم التعاون مع إدارة التربية والتعليم للبنين والبنات بالرياض، وذلك لأهمية التواصل مع الجهات الرسمية لتفعيل هذا البرنامج.

) كيف توصلتم لأهمية المشاركة في التوعية بأضرار المخدرات؟

- جاء اهتمام إدارة أوقاف صالح عبدالعزيز الراجحي بالمشاركة في التوعية بأضرار المخدرات بعد الرصد والبحث الذي قام به مركز البحوث والدراسات في إدارة الأوقاف الذي تبين منه أن التقارير والدراسات العديدة تؤكد انتشار هذه الظاهرة دولياً، وتزايد الإنتاج العالمي للمخدرات، وهذا ما أكده التقرير الدولي لمكافحة المخدرات، وتطور طرق التهريب وأساليبه، واستهداف فئة الشباب «تهريباً وترويجاً وتعاطياً»، إلى جانب الانفتاح العالمي والإعلامي، وتعدد واختلاف الوسائل التقنية الحديثة، ثم تطور أساليب الجريمة وسلوكياتها، فهذه المتغيرات ساهمت بشكل كبير في تنامي هذه الظاهرة، وزيادة أعداد المتعاطين والمدمنين على المخدرات، كما أن انتشار المخدرات في المملكة يعود لأسباب موضوعية؛ أهمها: الحدود الواسعة للمملكة, وكثرة أعداد الوافدين للعمل, إضافة لوجود الوفرة المادية لدى الشباب في المملكة, لهذه الأسباب أصبحت المملكة مستهدفة من قبل تجار المخدرات ومهربيها ومروجيها.

حيث يتضح تنامي وتفاقم الظاهرة في المملكة بما يؤكد أنها عملية منظمة لاستهداف شبابنا؛ حيث تشير الأرقام التي نشرتها الأمانة العامة للجنة الوطنية لمكافحة المخدرات إلى وجود حوالي (200.000) مائتي ألف مدمن سعودي راجعوا المستشفيات ومصحات الإدمان، وتبين التقديرات أن عدد المتعاطين في تزايد سنوي مستمر، كما أن نسبة التهريب ارتفعت بشكل ملحوظ ابتداءً من عام 2001م، وزاد إجمالي قيمة المضبوطات عن (2.2) مليار ريال في البيانات الثمان الأخيرة لوزارة الداخلية خلال عام ونصف، كما ضبطت الجمارك (33) مليون «حبة مخدرة» خلال عام 1431هـ، وبحسب إدارة الدراسات والبحوث في اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات فإن قيمة استهلاك المخدرات في المملكة تصل إلى (9) مليارات ريال سنوياً، وأن عدد المقبوض عليهم سنوياً يصل إلى (37) ألف شخص، مع وجود (700) ألف حبة «كبتاجون» تستخدم يومياً في المملكة، وهذه الإحصائيات تنسجم مع وصف سمو النائب الثاني ووزير الداخلية ـ حفظه الله ـ للمخدرات بأنها خطيرة وكارثة وأشد خطراً من الإرهاب والعدوان الخارجي، كما أن المخدرات توصف بأنها أم الخبائث وسبب رئيس لأغلب الجرائم؛ وقد أكد عدد من الدراسات والجهات المسؤولة إلى أن معظم الجرائم في المجتمع تقف المخدرات خلفها، فالحوادث المرورية، وجرائم ارتكاب السرقات، والقتل، واللواط والزنا، وغيرها تعد المخدرات من أسبابها الرئيسة، مما يؤكد أهمية الوقاية من المخدرات وا لتوعية بأضرارها، ومعالجة المدمنين والمتعاطين, وإعادة دمجهم في المجتمع؛ فالمخدرات تشكل خطراً حقيقياً على الإنسان وصحته وأمن الوطن وتنمية، وتواجه المملكة العربية السعودية مع دول العالم كافة هذا الخطر الجسيم الذي يستهدف المقدرات والإمكانات البشرية, وهذه الآفة محرمة في شريعتنا الإسلامية؛ لما تسببه من مساس وتهديد للأصول التي يحرص الدين الإسلامي على صيانتها وحمايتها, وهي الضرورات الخمس: (الدين, والنفس, والمال, والعرض, والعقل), يقول النبي ?: (كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام، ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها ولم يتب، لم يشربها في الآخرة)، رواه مسلم، واستدل أهل العلم بمطلق قوله: (كل مسكر حرام) على تحريم ما يُسكر ولو لم يكن شراباً، فيدخل في ذلك كافة أنواع المخدرات؛ لأنها تُحدثُ بالمشاهدة ما يُحدثُ الخمر من الطرب والنشوة، والمداومة عليها والانهماك فيها، وثبت في سنن أبي داود: (أن النبي ? نهى عن كلمسكر ومُفتِّر)، والْمُفْتِّر: كل شراب يُورث الفتور والرخاوة في الأعضاء والخدر في الأطراف، ونَهيُ الإسلام عن تعاطيه لما فيه من أضرار على المتعاطي نفسه، وعلى أسرته وأولاده، وضياع ماله، وفساد أخلاقه وعرضه، وبالتالي تضرر مجتمعه وأمته أمنياً وفكرياً واقتصادياً، لذلك كله كانت هذه البادرة من إدارة الأوقاف.

) بودنا أن توضح لنا آليات برنامج إدارة أوقاف صالح عبدالعزيز الراجحي للتوعية بأضرار المخدرات، «برنامج حياة»؟

- البرنامج سار وفق أربعة جوانب رئيسة: الجانب الشرعي، ويتمثل بإقامة محاضرات شرعية لكبار العلماء والدعاة في جوامع مختارة في كافة أحياء مدينة الرياض، وكان في مقدمة هؤلاء العلماء سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، والجانب الثاني: تمثل بالزيارات المدرسية؛ حيث نظم البرنامج زيارات لعدد (94) مدرسة للبنين والبنات في مختلف أحياء مدينة الرياض، وجرى في هذه المدارس إقامة معارض متنقلة وإلقاء محاضرات توعوية لدعاة وضباط وأطباء لبيان أضرار هذه الآفة، والجانب الثالث: تمثل بإقامة دوري رياضي لعدة فرق رياضية مشهورة في أحياء مدينة الرياض وذلك على أحد ملاعب حي النسيم بالرياض، والجانب الرابع بإقامة ملتقى (مخيم) كبير على أرض بطريق الملك عبدالله مخرج (10) شرقاً، وجاءت فيه فعاليات متنوعة والتي شملت المحاضرات التثقيفية والتوعوية، والمعارض التعريفية، والمسابقات الترفيهية, والعروض المرئية, والفرق الإنشادية, ومركز الاستشارات، وركن الأطفال، إضافة إلى برامج الخيمة الشعبية المصاحبة، ويحظى البرنامج اليوم برعاية وتشريف صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز المستشار الخاص بمكتب سمو أمير منطقة الرياض للحفل الختامي لهذا البرنامج بمقر المخيم.

) ما الخطوات القادمة من إدارة الأوقاف لهذا البرنامج في مجال التوعية بأضرار المخدرات؟

- أعضاء مجلس الأمناء في إدارة الأوقاف لا يألون جهداً في دعم كل عمل خيري لهذا الوطن وأهله؛ وذلك عملاً بوصية الموقف الشيخ صالح بن عبدالعزيز الراجحي -رحمه الله- الذي أوقف أنفس أمواله للصرف من عوائدها على أعمال الخير والإحسان التي تخدم الإسلام والمسلمين وتلبي حاجات الناس، ولذلك فإن المتوقع في الفترة القليلة القادمة أن يتم تفعيل جوانب التوعية بأضرار المخدرات من خلال وسائل الاتصال والإعلام عبر استخدام التقنيات الحديثة والإعلانات المؤثرة في الفضائيات والقنوات المرئية والإذاعية ومواقع الإنترنت؛ سعياً في الوصول إلى أكبر شريحة من المستهدفين في سائر أرجاء الوطن، بل وفي كافة أنحاء العالم العربي، وسيتم التعاون في ذلك مع بعض المؤسسات الرسمية والمؤسسات الإعلامية المشهود لها بالكفاءة والتميز.

) كلمة أخيرة ؟

- نتقدم بجزيل الشكر لسمو الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز المستشار الخاص بمكتب سمو أمبر منطقة الرياض على رعايته لهذا الحفل وهذا ما اعتدنا من سموه الكريم في الدعم والتشجيع؛ والشكر كذلك للإخوة في مكتب الدعوة والإرشاد بالنظيم والجنادرية على حسن التنظيم ولا أنسى أن أتقدم بالشكر لصحيفة (الجزيرة) الرائدة والتي واكبت فعاليات وأحداث الملتقى وشكراً لك أخي حمود.