مئة وست وسبعون جنسية هي إجمالي الدول التي يدرس أبناؤها حالياً في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، فيما التحق فيها أبناء أكثر من مائتي دولة، والعددان الأول والأخير بكل تأكيد لم يصل إليه عدد ممثلياتنا وسفاراتنا في الخارج، ولا يصل إليها عدد الممثليات الأجنبية في بلادنا.
وللحق فإن معظم هؤلاء الخريجين يبقون أوفياء لبلادنا وبلادهم الكبيرة المملكة العربية السعودية، يتذكرون جميلها، ويعترفون بفضلها صباح مساء؛ فهم دائماً يلهجون لها بالدعاء والثناء، وتبرز محبتهم في المواقف، ولا أدل على ذلك من المشاركات الإعلامية والمؤلفات لهؤلاء في بلدانهم وفي بعض المحافل الإقليمية والدولية.
ومن بين مَنْ تخرّج من جامعاتنا كالجامعة الإسلامية وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وجامعة أم القرى وجامعة الملك سعود وبقية الجامعات صاروا في بلادهم رؤساء وزراء، ووزراء، وسفراء، ومديرين للجامعات، ويتبوأ العديد منهم مناصب قيادية، وكثير من العاملين في ممثليات السفارات الأجنبية من الدول الإسلامية والقنصليات في المملكة أو في البلدان العربية والإسلامية هم من خريجي هذه الجامعات.
وإذا كان هؤلاء قد تيسر لهم تمثيل بلدانهم في المملكة والبلدان العربية والإسلامية لإجادتهم اللغة العربية فهم أيضاً سفراء لبلادنا أينما حلوا أو ارتحلوا، وقد أثبت ذلك الواقع والشواهد، وأكدوه قولاً وفعلاً، وهذا لسان حال كثير من الطلاب، وهو ما عبّر عنه طالب الدراسات العليا في الجامعة الإسلامية (محمد أبوبكر صو) من دولة السنغال الذي ألقى قصيدة ترحيبية بصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض خلال زيارته للجامعة حيث قال:
خدمتمو عالم الإسلام.. دعمكم
للدين زال به جهل وطغيان
هذي المجامع بل هذي الجوامع بل
في جامعات الهدى، للدعم برهان
ها نحن من دعمكم نحظى بمعرفة
وننثني، ولنا من بعد ذا شان
ندعو إلى الله من بعد التخرج في
شتى الظروف فلا عجز وخذلان
ندعو إلى الله بالحسنى فيلحقكم
أجر من الله والرحمن ديان
أكرمتمونا بهذا العلم فانتظروا
منا دعاء لكم والشكر عرفان
لا ترسلوا سفراء في موطننا
في ذاك جهد وتكليف وأثمان
نحن الذين لدى الدنيا نمثلكم
ونحن في ذاك أبطال وفرسان
ترون منا وفاءً لا مثيل له
فالمسلمون عهود الحق قد صانوا
إن هؤلاء الطلاب عند تخرجهم يؤكدون حبهم وولاءهم وانتماءهم لهذا البلد المبارك، لكن الكثير منهم لا يملك الإمكانات التي تساعده على رد الجميل بالصورة المنشودة؛ لذا أتمنى أن تقوم وزارة الخارجية ووزارة التعليم العالي والجهات ذات العلاقة بتبني مشروع رابطة خريجي الجامعات السعودية في بلدان العالم أسوة بما يتم في عدد من الدول بأن يكون لخريجي الجامعات العريقة رابطة أو جمعية، وأن يصار إلى تنفيذ هذا المشروع بعد دراسة وافية، وتدعَّم هذه الروابط والجمعيات الخاصة بخريجي الجامعات السعودية بميزانية سنوية تساعد على استئجار مقر للرابطة واللقاءات الدورية، وأن يتم إنشاؤها في كل بلد يزيد عدد الدارسين السابقين فيه على مئة طالب، وأن تتم مساعدة المبرزين منهم والنخبة ودعوتهم للمؤتمرات والندوات الثقافية والمنتديات التي تعقد في بلادنا، مع دعوتهم أيضاً إلى الحفلات السنوية للسفارات السعودية بمناسبة اليوم الوطني، ودعم المؤلفين والباحثين منهم بشراء كتبهم ومنتجاتهم العلمية، ودعوتهم للزيارة والحج والعمرة ضمن البرامج المعدة لذلك عن طريق المؤسسات ذات العلاقة، وأن تُحْدِث كل جامعة عبر عمادة شؤون الخريجين أو عمادة شؤون الطلاب وكذلك وزارة التعليم العالي إدارةً معنية بهذا تسمى بإدارة التواصل، مهمتها متابعة شؤون الخريجين، وتضمين عناوينهم لتزويدهم بالمطبوعات والكتب الصادرة من المملكة عبر الجهات الرسمية أو المؤسسات، وإذا كانت وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد قد خصصت تعيين الدعاة في الخارج على خريجي الجامعات السعودية فآمل أن تبادر وزارة التعليم العالي ووزارة الخارجية بإعطاء الأولوية في تعيين المتعاقدين في السفارات على هؤلاء الخريجين أيضاً.. والله من وراء القصد.
alomari1420@yahoo.com