الرياض - خاص بـ (الجزيرة) :
رأى مدير عام التربية والتعليم بمنطقة الرياض الدكتور إبراهيم بن عبدالله المسند أن اهتمام صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز بأهل القرآن وحفظته من البنين والبنات امتداد طبيعي لِما جُبل عليه قادة هذه البلاد الطيبة من حرص متنام على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهي نعمة كبيرة على هذه الأمة التي أعزها الله ورفع منارها بالإسلام والقرآن، وقال: إن مما يثلج صدورنا ويبهج نفوسنا ما نلاحظه من ازدياد عدد المتقدمين إلى هذه المسابقة عاماً بعد عام مع الارتفاع بمستوى المتسابقين والمتسابقات في التلاوة والحفظ والتفسير، وإنا لنحمد الله - سبحانه وتعالى - على هذا الإقبال الرائع من الناشئة الذين نشأوا على عقيدة التوحيد وتحلوا بحلية الإيمان، وحفظوا آيات الله البينات، واتخذوا كتاب الله لهم شعاراً وقدوة وهداية. هؤلاء البراعم المسلمة الناشئة في طاعة الله تذكرنا بالحديث عن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وذكر منهم الشاب الذي نشأ في طاعة الله، فالمسابقة أثبتت على مدار السنوات الماضية نجاحها من خلال التنظيم الدقيق وكثرة المشاركات كما أسهمت في زيادة عدد الملتحقين بحلق القرآن الكريم على اختلاف مستوياتهم.
وأكد سعادته أن الاشتغال بالقرآن الكريم من أفضل العبادات ومن أعظم القربات لله -سبحانه وتعالى-، وأهل القرآن هم أعلى الناس منزلة وأرفعهم مكانة، ومن تتبع آيات كتاب الله وجد فيها الدعوة إلى العلم والتفكر وخدمة الإنسان لأخيه، وحثّاً له على التزام الوسطية والاعتدال، وتحصين فِكرِه من الانحراف والغلو قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} وفي الحديث الشريف: (إن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه) ووفقاً لذلك فإن منهج القرآن الكريم هو تحصين الفكر الإنساني من الانحراف والغلو والتطرف وترسيخ الوسطية والاعتدال في سلوكيات الإنسان ومعاملاته، مشدداً على أن جمعيات التحفيظ التي تنتشر في جميع مناطق المملكة هي الحصن الحصين في مواجهة تيارات العنف والتشدد والانحراف لأن من ينشأ على كتاب الله ويتربى في حلق التحفيظ، يحفظه الله من هذه التيارات المتشددة ومن دعاة الغلو والانحراف.
وأبرز الدكتور المسند أن المسابقة المحلية على جائزة الأمير سلمان لحفظ القرآن الكريم حققت الريادة بتطورها وبفضل الله أولاً، ثم بالبذل السخي من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان حيث تكفل بجوائز المسابقة وسائر تكاليفها وبذلك أذكت المسابقة روح المنافسة بين الطلاب والطالبات كما أذكت المنافسة بين المعلمين والمعلمات لتخريج طلاب وطالبات متميزين في التلاوة والحفظ والتجويد لما تتميز به من الإتقان في الجانب القرآني حفظاً وأداءً حيث أضحت المسابقة ميداناً للتنافس في مجال الحفظ والتجويد ومافتئت جائزة الأمير سلمان بقيادته الحكيمة تشحذ همم حفظة كتاب الله وهي ترتقي وتتقدم بفضل الله عز وجل.
وقدم سعادته عدداً من المقترحات حول المسابقة منها تقديم جوائز مادية وتكريم معنوي للفائزين والفائزات على مستوى كل منطقة للمشاركين والمشاركات الذين لم يحالفهم الحظ في الوصول للتصفيات النهائية ليكون تحفيزاً أكثر لطلابنا وطالباتنا الحفظة وهو ما يسهم في زيادة الإقبال على هذه المسابقة المباركة، وأن يتسع نطاق المسابقة ليشمل سبعة فروع بدلاً من خمسة بحيث يضاف فرع لحفظ خمسة عشر جزءاً، وفرع لحفظ خمسة وعشرين جزءاً، أن يزداد عدد الفائزين والفائزات في كل فرع إلى خمسة بدلاً من ثلاثة، وتشكيل لجان تحكيم ثابتة في كل منطقة بحيث تكون خاضعة للتدريب بين فترة وأخرى لتطويرها، والإعلان عن المسابقة وعمل نشرات توزع في المنشآت التعليمية وعلى الفئات المستهدفة في بداية كل عام دراسي، والاهتمام بالفائزين في المسابقة بإلحاقهم بالقراء أصحاب الإجازات في القراءات المختلفة للحصول على الإجازة في قراءة القرآن.
وعن أثر القرآن الكريم في تنشئة الفرد وتربية المجتمع، قال مدير التربية والتعليم بمنطقة الرياض: لقد أكرم الله أمة محمد صلى الله عليه وسلم بالقرآن العظيم فجعله لهم نوراً ساطعاً ودليلاً هادياً، قال تعالى: {يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}، كيف لا وهو كلام رب العزة وصفه سبحانه بنفسه وصفاً جامعاً فقال: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} فمن حق المسلمين بعضهم على بعض أن يتواصوا بالعناية بكتاب الله تعالى في خاصة أنفسهم وفي أسرهم وفي المؤسسات التي تعنى بالتوجيه والتعليم والتربية حتى تبقى الأمة على صلة بكتاب ربها معتصمة بحبله المتين إن القرآن الكريم وصفه رب العزة بقوله: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}، فهو يعالج المشكلات الإنسانية في شتى مرافق الحياة النفسية والعقلية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية علاجاً حكيماً في أسس عامة وقواعد كلية تترسم الإنسانية خطاها وتبني عليها في كل عصر ما يلائمها، فبكتاب الله تحولت الحياة في الجزيرة العربية في ظل المملكة العربية السعودية من الركود والجمود إلى الحركة والنشاط والأخذ بأسباب القوة والتمدن ومن الشتات والاختلاف والنزاع إلى الوحدة والجماعة والوئام والانتظام لذلك وصفه الله بأنه هدى وشفاء وبرهان ونور مبين قال تعالى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء}، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا}، فأي هدي بعد كلام الله -سبحانه-، وأي بركة أعظم من بركة كتابه، إن للقرآن الكريم فضلاً عظيماً على المسلم وخاصة إذا ما حفظ آياته وتدبر معانيها فهو كفيل بأن يبث الثقة والطمأنينة في نفوس المسلمين، وأن يشعرهم بقربهم من الله -تعالى- ورضاه عنهم، وإذا كان للقرآن الكريم هذا الأثر العظيم فحري بنا أن نقوم على حفظه وتدارسه وتدبر معانيه وأن نتمسك بحبله المتين ونستضيء بنوره وهداه فهو مصدر عزتنا وقوتنا.
ونوه الدكتور المسند بما حققته المسابقة منذ انطلاقتها في عام 1418هـ من ثمار طيبة ونتائج فعالة، قال: كان لها الأثر الكبير في إقبال المشاركين والمشاركات عليها من الجهات والقطاعات المشاركة على اختلاف أنواعها فهذا الاهتمام المتواصل بكتاب الله وحفظته من قاده هذه الدول المباركة هو أحد هذه الجهود الموفقة المباركة التي أثمرت أجيالاً من الناجحين والمخلصين في خدمة وطنهم في كل الميادين فصلاح الأمة مرتهن بتعلم كتاب الله وفهمه وإدراك معانيه وتطبيقه واقعاً معيشياً وتقديم أسسه الداعية للمحبة والسلام والبناء للبشرية أجمع.
ووجه سعادته النصح للأبناء والبنات وأولياء الأمور قائلاً: إن تعلم القرآن الكريم وتعليمه وحفظه وتدبره هو أشرف ما يناله الإنسان في هذه الدنيا من العلوم فهو الأساس في تعليم الأمة والهادي والدليل للحياة الطيبة السليمة من الآفات (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) وهو طريق المعرفة لجميع العلوم الأخرى، فحري بأبنائنا وبناتنا الإقبال عليه وعلى تدبره وتعلمه وتعليمه والتخلق بأخلاقه وإقامة حدوده والعمل بأحكامه والحرص على حفظه وتعاهده، وما دور التحفيظ إلا معينه لكم على ذلك في الإقبال على كتاب الله -تعالى- وتعلمه وتدبر معانيه، مهيباً بأولياء الأمور بحث أبنائهم وتشجيعهم على ذلك وإعانتهم على ذلك ماديّاً ومعنويّاً.