|
براغ - موفد الجزيرة - فهد الشويعر
انطلقت أمس الخميس فعاليات البرنامج العلمي ضمن مشاركة المملكة ضيف الشرف في معرض براغ الدولي، وكانت البداية بندوة بعنوان: «التغيرات الاجتماعية في الثقافة السعودية والتشيكية»، حيث أدار الجلسة: د. سليمان بن صالح العقلا وشارك فيها كل من د. سلوى بنت عبدالحميد الخطيب من قسم الاجتماع بجامعة الملك سعود - قسم الاجتماع، والدكتورة نسرين يعقوب رئيس قسم علم النفس بجامعة الملك عبدالعزيز، في حين كان الجانب التشيكي ممثلة بالدكتورة سلمى موهيك عضو هيئة التدريس بكلية الآداب- مديرة دائرة المجتمع المدني- بجامعة تشارلز.
د. سلوى الخطيب قدمت ورقة بعنوان «التغيرات الاجتماعية وانعكاساتها على الأسرة السعودية» سلطت الضوء من خلالها إلى أهم التغيرات التي حدثت في البناء الاجتماعي، بصفة عامة والأسرة بصفة خاصة. واستخدمت الباحثة المنهج الكمي والكيفي في هذه الدراسة كالمسح الاجتماعي والاستبانة والمقابلة الشخصية في جمع البيانات، وربطت أهم أسباب التغيير في المجتمع السعودي بعوامل داخلية تتمثل في توحيد المملكة تحت قيادة الملك عبدالعزيز وتأسيس الدولة السعودية، واكتشاف البترول وما صاحبه من تغيرات اقتصادية كبيرة ساهمت في تبني الدولة للعديد من الخطط الخمسية التي غيرت حياة المواطنين وجعلتهم ينتقلون في فترة وجيزة من نمط حياة قائم على التنقل والترحال إلى نمط مستقر يعتمد على واردات النفط، وعوامل خارجية. هي العولمة وانتشار وسائل التقنية الحديثة كالقنوات الفضائية والستالايت والإنترنت وغيرها، وهذه الوسائل أدت إلى انفتاح المجتمع السعودي المتحفظ بشكل مفاجئ على الثقافات المختلفة. وهذه العوامل الداخلية والخارجية أدت إلى إحداث العديد من التغيرات البنائية في المجتمع السعودي.
وقالت الباحثة إن من أهم التغيرات الاجتماعية التي حدثت في المجتمع السعودي هي تحوله من مجتمع قبلي متجانس يحكمه العرف، إلى مجتمع تحكمه القوانين والتشريعات، والانفتاح على الثقافات الأخرى بسبب وجود القنوات الفضائية والإنترنت والجوال وغيرها من وسائل التقنية الحديثة، والاعتماد على الأيدي العاملة لتنفيذ الكثير من مشروعات التنمية، بجانب انتشار الحضرية، وتغير الكثير من القيم البدوية التي كانت سائدة في المجتمع السعودي التقليدي، وظهور القيم المادية والفردية والاستهلاكية.
بدورها قدمت د. نسرين يعقوب ورقة عنوانها «التغير الثقافي في المجتمع السعودي - مفهوم التغير مسؤولية فردية أولا».. وقد اتجهت إلى توضيح دور الفرد في إحداث التغير الثقافي في المجتمع بشكل عام مع طرح أمثلة واقعية من المجتمع السعودي بشكل خاص، حيث ناقشت المراحل الانتقالية التي يمر بها الفرد في أي عملية تغيير مع توضيح للسمات النفسية الأكثر تأثيراً بشكل سلبي على جعل عملية التغيير أكثر صعوبة.
وأضافت يعقوب «مهارات الفرد ومرونته ونضجه الانفعالي تؤثر وبشكل واضح على قدرته على فهم وتقبل التغيير. ولأحداث التغيير المنشود في أي ثقافة فلابد من أن يتمتع أفرادها بالمرونة التي تسمح لهم أن ينفتحوا على العالم الخارجي وأن يحلموا ويتخيلوا أبعاداً إيجابية للتغيير وأن يلمسوا وبطلاقة فوائد وإيجابيات أي خطة تنموية قبل سلبياتها وأعبائها حتى لا نقع في دائرة مقاومة الجديد. ونحن في هذا العمل تطرقنا إلى الأمثلة الواقعية من الثقافة السعودية والتي يمارس فيها نوع من المقاومة ضد التغيير قد لا تكون متعمدة وشعورية؛ وقد لا تكون تمثل كل أفراد المجتمع إلا أنها مقاومة تعود إلى أسباب نفسية يشترك فيها الجنس البشري في كل الثقافات مع اعتبار الفروق الفردية بين أفراد المجتمع الواحد و الفروق الثقافية بين شتى الثقافات».
وقد أشارت يعقوب إلى أن حكومة المملكة ترصد 50% من ميزانيتها لتنمية الموارد البشرية اعتماداً على ما جاء في الخطة التنموية التاسعة. ومعتبرة أن هذا يعطي مؤشراً واضحاً على تقدير دور الفرد في إنجاح الخطط التنموية بالذات إذا أريد للتنمية أن تحدث على الصعيد المادي والمعنوي على حد سواء.
وقالت المحاضرة إن من المهم إلقاء الضوء على أبرز المعوقات والحواجز النفسية التي تقف أمام أي فرد يعيش كجزء من عمليات التغيير والتطور والتنمية حتى نستطيع فهم أهم النواحي التي لابد و أن نضعها في الاعتبار عند رسم أي خطط مستقبلية تنموية.
في جانب آخر، وتحت عنوان «التغيرات الاجتماعية في المجتمع التشيكي بعد عام 1989م تحدثت د. سلمى موهيك ديزدارفيتش -كلية الآداب- قسم دراسات المجتمع المدني بجامعة تشارلز، وتناولت التغيرات الاجتماعية في الجمهورية التشيكية بعد الثورة المخملية نتيجة لعوامل دولية ومحلية، وقالت: على الرغم من أن المجتمع التشيكي يعد من أكثر المجتمعات التي تنعم بالمساواة في الاتحاد الأوروبي؛ إلا أن هذا التغيّر العميق حمل كثيراً من العواقب الوخيمة التي قد تسبب تشوهات اجتماعية كالفساد.
والجدير بالذكر أن هناك أمثلة كثيرة لأفراد استفادوا من الدكتاتورية الشيوعية، وأصبحوا أبطال الرأسمالية. وهذا ما دفع الكتاب للتحدث عن «كآبة ما بعد الشمولية» مما يؤكد خيبة الأمل، وفشل بعض التغيرات عند المجتمعات حديثة النشأة.
وأوضحت الباحثة أن المجتمع في جمهورية التشيك شهد في العام 2004م تغيراً كبيراً؛ عندما أصبحت عضواً في الاتحاد الأوروبي. إلا أن ذلك التغير كان في نفس الوقت «مثيرا للقلق»؛ إذ إن الدفاع عن حقوق الإنسان، ودور المجتمع المدني اللذين كانا من أهم عوامل نشأة «المجتمع التشيكي الجديد» انخفضت أهميتهما.
وعلقت «إذا نظرنا إلى المجتمع المدني، فنحن نحظى بمجتمع نابض بالحياة، ديموقراطي قوي ومطيع ويعتمد مالياً اعتماداً كلياً على الدولة. وعلى الرغم من وجود الديمقراطية في هذا المجتمع - وعلى الأخص من ناحية المساواة والحرية - إلا أنه ما زالت هناك العديد من النواحي والأمور التي لابد من معالجتها بشكل عميق وصحي؛ لضمان الديمقراطية لجميع أفراد المجتمع».