وكلما اقتنيت ثوباً جديداً تربصت ببهائه الأوساخ والأقذار حتى ينطفئ بياضه خلف خرائط شتى من البقع, فأسلمه للماء يجلو خرائطه.. يعيده ناصعاً وإن كان بدرجة أقل عن ذي قبل.. ثم تعود الأوساخ لتمحو كل ما خطه الماء من صحائف البياض تحت أشكالها العشوائية المخاتلة.. ثم الماء مجدداً.. فالأوساخ.. فالماء..
حتى إذا بلي البياض.. واهترأ القماش, قذفته جانباً واقتنيت ثوباً جديداً!! الماء والأوساخ خصمان يخوضان حرباً لا تبيد.. فضاؤها البياض.. وحاصلها سجال لا ينتهي على الدوام!! غير أن الحقيقة خلاف ذلك!! الماء والأوساخ حليفان حميمان يتضافران سراً ويتجاذبان خيوط اللعبة بين النظافة والقذارة حتى إذا بليت أسمالنا تحت وابل الماء وخرائط البقع.. وفني كل الذي نستر به عرينا من الخرق عدنا عراة لا الماء يستر عرينا ولا الأقذار تكف عن التحرّش بأجسادنا!! وحين بلغ هذه النقطة.. وضع القلم جانباً.. اتكأ بغبطة من ظفر بحكمة بالغة.. جال ببصره سريعاً في المكان.. تبقع وجهه بالامتعاض حين رأى ثوبه المعلق على الجدار وقد تمددت فوق بياضه بقعة داااكنة!!