مشكلة المعلم مع المعطيات الشحيحة التي يرى التربويون أنها لا تتناسب مع الأهمية العظيمة لرسالته أزلية ومتفاقمة. رغم تعاقب القادة في وزارة التربية والتعليم إلا أن مشكلة المعلم ظلت بعيدة عن التناول الجاد والطرح الموضوعي فما أن يحتدم النقاش حول نصاب المعلم وعدم منطقيته حتى ينسحب الجميع دون اتفاق ليظل الرأي معلقاً بين مؤيد ومعارض. وتترك هذه الانسحابات بقية الملفات مغلقة وهي ملفات مهمة جداً لكل المعلمين الذين يبحثون عن حقوقهم في العلاج والسكن ونقابة مهنية تدافع عن حقوقهم وتعزز مكانتهم الاجتماعية كقادة فعليين للعمل التربوي في الميدان.
في مطلع هذا الأسبوع أثار سمو وزير التربية والتعليم موضوعاً على درجة كبيرة من الأهمية وهو موضوع التأمين الصحي للمعلمين والمعلمات وأنه لا يزال قيد الدراسة. اللافت في تصريح سموه عدم قناعته بدور الصحة المدرسية وأنها تحتاج إلى عمل كبير. سموه يتحدث عن وحدات صحية ضعيفة الإمكانات موزعة في مناطق المملكة وأكاد أجزم أن الأغلبية الساحقة من المعلمين والمعلمات لا يعرفون طريقها بل إنها ظلت لسنوات دون تطوير وأقصى ما تقدمه من خدمات كميات هزيلة من حبوب البندول والمضادات وبعض الضمادات. أما التأمين الصحي والذي أثير من سنوات فلا تلوح في الأفق المرئي أية بوادر أمل ليبقى المعلم محروماً من العلاج فلا طال التأمين الصحي ولا طورت وحدات الوزارة الصحية لتكون مستشفيات متكاملة تقدم له العلاج ولا بحثت الوزارة تحويله للمستشفيات الأخرى فظل معلقاً ومحروماً ولن يتحمل هذا المعلم أن يسمع من وزارته في كل مرة يسأل فيها عن حق من حقوقه أن هذا الحق قيد الدراسة!
كيف نحول المعلم يا سمو الوزير إلى قائد تربوي فاعل داخل مدرسته وأداة تأثير وتغيير إيجابي وهو مجحود الحقوق ومخنوق بنصاب ثقيل وأعباء كثيرة متعددة ومتشعبة. أنشطة ومناوبة وتصحيح لأعداد طلاب يفوق الحد الأعلى وفق المعايير العالمية التي عادة ما يعتمد عليها الزملاء في الوزارة.
أدرك أن سمو الوزير يتصور حجم معاناة المعلم والمعلمة وأتمنى أن يتصور قادة الوزارة معلماً أو معلمة في مدرسة ثانوية يفوق طلاب الفصل فيها الأربعين ونصابه 24 حصة مضافاً إليها النشاط والمناوبة ووضع الأسئلة وتصحيح الرزم الهائلة من الدفاتر وتوجيه التلاميذ تربوياً ومكابدة سلوكيات الأشقياء منهم ومواجهة وضعية الضعاف ومقابلة أولياء الأمور والإجابة على استفساراتهم.
كيف ينفذ المعلم كل تلك المهام والوزارة لم تؤسس له الأرضية المريحة وتركته يكابد لعله ينفذ الحد الأدنى من كل مهمة لذلك سيظل مع الأنصبة العالية يقدم عملاً شكلياً يركز فقط على إنهاء وحدات المنهج وتهيئة الطلاب للاختبارات وهو عمل تعليمي بحت ولن يكون بمقدوره تجاوز هذه الحدود لتقديم عمل تربوي متكامل فليس بالإمكان أفضل مما كان. المعلم لا يريد رتباً شكلية لا تؤدي إلى تحقيق ذاته ولا وعوداً بدراسات قد لا تحقق نتائج.
المعلم أصبح على باب الله! من يقدم له العلاج والمساعدة في الحصول على السكن المريح والمكانة الاجتماعية التي يفتقدها. من بين آلاف المعلمين في بلادنا يوجد فئة طموحة تحاول الترقي والوصول إلى المكانة الأفضل لكن غياب المعايير العادلة حكمت عليهم أن يبدؤوا حياتهم الوظيفية في المدرسة ولا يخرجون منها إلا عند التقاعد.
Shlash2010@hotmail.com
shlash2010@hotmail.com