|
منذ الجهاد الأفغاني في عقد الثمانينيات و المد الأخضر الأصولي للمجاهدين يجذب العديد من الكتاب والإعلاميين الأمريكيين خصوصاً بعد انهيار المعكسر الأحمر بهيكله الرئيسي الاتحاد السوفيتي في بداية التسعينيات، ومع الغزو العراقي لدولة الكويت بدأ العداء واضحاً بين أسامة بن لادن والأمريكين بعد مرحلة شهر العسل التي مر بها الاثنان أثناء الحرب الأفغانية السوفيتية، والتي حرصت فيها الولايات المتحدة على دعم ابن لادن وقتها سواء من الناحية المادية أو اللوجستية.
في العام 1991 بدأ أسامة بن لادن يكرس ويمرر رسائل العداء بين المسلمين والغرب بشكل عام وأمريكا بشكل خاص، ومع هذا التوجة المعادي بدأ اسم ابن لادن يسطع في الإعلام الغربي والأمريكي تحديداً، ومع تفجيرات نيروبي ودار السلام أصبح الإعلام الأمريكي يتعامل مع شخصية ابن لادن والقاعدة بشيء من الاهتمام أكثر بالتفاصيل والأسرار التي جعلت من القاعدة قوة قد تهدد الأمن القومي للولايات المتحدة.
نجد تجييشاً من قبل الإعلام الأمريكي لعدد من الخبراء والمحللين من أجل تقديم تحليل سياسي وعسكري واقتصادي مع العدو الجديد «القاعدة» خصوصاً بعد زوال العدو السابق «المعكسر الشيوعي».
ومع تفجير المدمرة كول قررت الولايات المتحدة وضع كل من القاعدة وابن لادن على قائمة الأولويات بالنسبة لأمنها القومي، فيما تصدر ابن لادن بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر قائمة المطلوبين لدى الشرطة الدولية «الأنتربول».
وبعد سنوات من أحداث سبتمبر تواجد اسم ابن لادن في العديد من المسلسلات والبرامج التلفزيوينة مثل «فاميلي غاي» و»أميركان داد» و»سيمسون» وغيرها، وكان مادة ثرية للبرامج الحوارية مثل (ريل تايم) مع بيل ماهر و»ديلي شو» مع جيمس ستوارت و البرنامج الأسبوعي الشهير «ساتردي نايت لايف»
وتواجدت أيضاً القاعدة في العديد من الأفلام السينمائية والتلفزيوينة، كذلك في برامج الراديو الشهيرة و المسارح وعروض الكوميديا «ستاند آب كوميدي» وغيرها ما جعلها تتفوق أحياناً على بعض الأحزاب السياسية والاجتماعية داخل الولايات المتحدة على مستوى الاهتمام الإعلام والشعبية لدى الجمهور الأمريكي.
أين كان أسامة ابن لادن طوال العشر سنوات الماضية ؟
في الفيلم الوثائقي (Where in the World Is Osama Bin Laden) يستعرض المخرج مورغان سبورلوك صاحب « سوبر سايز مي» رحلته الطويلة المثيرة والتي التي بحث من خلالها عن مكان زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وذلك من خلال سفره للعديد من الدول شملت مصر وباكستان والمغرب والأردن وأخيراً أفغانستان.
وبأسلوب ساخر وشيق يقدم المخرج مورغان سبورلوك تمهيداً قبل رحلته المرتقبة للبحث عن مكان أحد أكثر الأشخاص غموضاً في العالم والذي استطاع الاختباء من يد القوات والاستخبارات الأمريكية لمدة جاوزت العشر سنوات منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
قبل رحلته الطويلة كان المخرج مورغان سبورلوك يتدرب على الأسلحة الخفيفة والثقيلة تمهيداً لرحلته الشاقة خصوصاً للجزء الأصعب والأهم جبال تورا بورا في أفغانستان من أجل إيجاد ابن لادن وقبل ذلك عليه مواجهة العديد من الجماعات المرتبطة بالقاعدة سواء من الناحية الفكرية أواللوجستية.
يبدأ مورغان سبورلوك رحلته في مصر ليلتقي بعدد من الخبراء والسياسيين ليسألهم عن رأيهم في القاعدة وأنشطتها.
يكتشف مورغان سبورلوك أن الشرق الأوسط مختلف تماماً عن ما كان يتم وصفه في الإعلام الأمريكي، فالناس أكثر بساطة وتلقائية والأهم ترحيباً بالآخر، ويكتشف أن الأغلبية لا تؤيد أنشطة القاعدة والجماعات التكفيرية.
أثناء رحلة المخرج مورغان سبورلوك يكشف للمشاهدين بأنه ينتظر مع زوجته مولوداً، وطوال فترات الفيلم لا نعرف متى سيأتي مولوده الصغير والذي فاضل عليه رحلته المثيرة والتي عرف من خلالها الكثير من الأسرار حول جماعة القاعدة وطالبان وستايل الحياة الصعب في الحدود الباكستانية الأفغانية.
و نال الفيلم على رضا جماهيري واسع أثناء عرضه في مهرجان صنداس الدولي الخاص بالأفلام المستقلة، فيما حقق أرباحاً جاوزت النصف مليون دولار رغم عرضه المحدود والذي لم يتعدى 100 صالة عرض سينمائية فقط.
أسرار ابن لادن يقدمها مراسل باكستاني
في فيلم «تيري ابن لادن» يسرد بأسلوب «الديكودراما» قصة صحافي باكستاني يدعى علي حسين يحلم بالهجرة والإقامة في الولايات المتحدة الأمريكية مما جعله يزور لقاءات تلفزيونية وهمية لصالح قناة أيضاً وهيمة تدعى «دانكا» مع زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن والذي يتقمص شخصيته رجل من الهند يملك نفس تقاسيم الوجة والتعابير والفاصيل الجسدية لابن لادن.
بعد أيام قليلة من أحداث الهجوم على مبنى التجارة العالمية في 11 سبتمبر يتخذ الصحفي علي حسين لنفسه شخصية وهمية من خلال جواز سفر مزور وبطاقة صحفي مزورة تؤهله للعمل والإقامة في الولايات المتحدة الأمريكية، يدعي علي حسين أنه يملك لقاءات حصرية مع ابن لادن ويوهم، الإعلام والسلطات الأمريكية بحقيقة ما يملك، مؤكداً أن لقاءاته نفس نمط وطريقة اللقاء الشهير الذي عمله مذيع قناة (الجزيرة) تيسير علوني مع أسامة بن لادن لصالح قناة الجزيرة القطرية والذي منع من العرض في وقته ولكن تم تسريب نص اللقاء لعدد من المواقع الإلكترونية والمنتديات.
فيلم «تيري ابن لادن» يقدم حكايته بقالب ساخر كوميدي عن نظام تعامل الأمريكيين مع القاعدة وكيف تجذب القاعدة الإعلام الأمريكي بشكل يفوق أحياناً على نجوم البوب والروك والسينما في الترفيه الخاص بالإعلام الأمريكي.
الفيلم يقدم مدى الهوس الذي وصل له الإعلام الغربي والأمريكي بالتحديد حول شخصية أسامة بن لادن والتي كانت أحياناً تتصدر كبرى الصحف الأميريكية، فيما نجد أن الاهتمام وصل لدرجة أن الكثير من القنوات الأمريكية تقطع برامجها فوراً عند بث أي خطاب جديد لزعيم تنظيم القاعدة لتبثه نقلاً عن قناة الجزيرة أو حتى من خلال موقع إلكتروني.