كتبت هــذا العنوان قبل أكثر من ستة أشهر، وتركته على سطح المكتب أطالعه كلما هممت بكتابة «الحبر الأخضر»، وكنت منذ ذلك التأريخ وما زلت متردداً في طرح هذا الموضوع بين يدي القارئ الكريم لا لشيء إلا أنني أمام موضوع خاص ببعض المناطق دون غيرها، علاوة على أنني في هذا المقال أطالب صراحة بكسر النظام وغض الطرف ولو لحين عن سعودة سائقي الليموزين في مثل منطقة حائل خاصة، كما أنني أتخوف من أنني أجانب الصواب فيما أطرح، فما أنا إلا مجتهد في مسألة حساسة وذات صلة ببعض البيوت ولها علاقة بالمرأة خاصة، وربما أفسد - لا سمح الله - من حيث أردت الإصلاح وأنا لا أعلم، فالأمر شائك ولا يدري المرء على الأقل - من هم مثلي - أين هي الخيرية، وما هو الأفضل والحق، ولكن السبب في تبني هذا الموقف عندي والجزم بالكتابة عن هذا الموضوع في هذا الأسبوع بالذات لكثرة ما أسمع هذه الأيام من مشاكل وتذمرات مجتمعية، ولأنني أشعر شخصياً أن غياب الشركات الرسمية المرخص لها بمزاولة هذه المهنة ورفض منح ترخيص ليموزين داخل مدينة حائل بالحجة الواردة أعلاه سبب انتشار ما يعرف شعبياً «سواق أبو عشرة» وخطر هؤلاء الجوالة الذين ينتشرون بشكل مخيف بلا حسيب ولا رقيب ولا مرجع أو تصريح، خطرهم لا يخفى على عاقل ولا يجهله أحد، علاوة على أن هذا التشدد جعل كثيرا من السيارات غير المرخص لها تمارس هذه المهنة بلا ضابط أو مساءلة فتقوم بإيصال النساء من وإلى السوق وكذا العمالة بل وحتى أساتذة الجامعة!!
إنني هنا أتساءل .. لماذا يطبق النظام بهذه الصورة الصارمة في حائل وما ماثلها، ويترك الحبل على الغارب في عدد من مناطق المملكة؟ وهل يعلم صاحب القرار كم مقدار العنت الذي يلحق بالأسر المحتاجة، وكم هي المفاسد التي ترتكب، وكم الإحراجات التي تحدث، وكم المفاتن التي قد تنشأ، وكم.. وكم..؟ بسبب تطبيق هذا القرار بحرفيته دون العودة إلى روحه، والوقوف بمرصاد لكل من يفكر بإصدار رخصة ليموزين في هذه المناطق!!
هذا عن الجانب الاجتماعي ناهيك عن الجوانب الأخرى كالاقتصادي والحضاري والثقافي والسياسي والأمني و...
قد يقول قائل إنك هنا تسبح خلاف التيار، وتحاول التأصيل للفساد وغرس شجر الشر، ولهذا الإنسان ومن على شاكلته أقول نعم أتفق معك فيما ذهبت إليه في أن ركوب المرأة مع سائق الليموزين سعودي أو هندي أو باكستاني أو بنغالي بلا محرم أو بصحبة طفل صغير أو في أوقات متأخرة أو الذهاب معه إلى أماكن بعيدة أو ... فساد وخطر، ولكن كما يقول العلماء: «...الفقه معرفة الشرين واختيار أقلهما شراً»، إضافة إلى أنني على يقين بأن العمل الخاضع للمتابعة والمراقبة ومن ثم إمكانية المساءلة وإنزال العقاب أفضل بكثير من التستر ومزاولة العامل الذي جاء إلى هنا مزارعاً مثلاً مهنة غير مصرح له بها، بعلم كفيله أو بجهله وعدم درايته.
قد لا يصدق البعض أن هناك من يحضر سائقاً خاصاً لعائلته ثم يعطيه مطلق الصلاحية في نقل خلق الله متى وكيف وأين شاء، ولكن متى ما كانت الحاجة له قائمة من قبل أحد أفراد الأسرة فواجب عليه الالتزام معهم وتنفيذ طلبهم بلا تردد أو تكاسل أو تأجيل وإلا سحبت منه السيارة، والعائد من سعيه في أرض الله الواسعة هو راتبه!!
هذه مجرد صورة واحدة من عدة حكايا وصور وقصص للسائقين الذين لا يخضعون للنظام ونحن من يعين على التستر ولا نتحرك فعلياً إلا إذا وقع الفأس بالرأس لا سمح الله.
إنني على ثقة بأن معالي وزير النقل معالي الدكتور جبارة بن عيد الصريصري وهو من هو في المبادرات والتفهم والتفاني وتقديم ما في الوسع خدمة للمواطن ونهضة وتنمية وتطوير للوطن وتحقيقاً للمصلحة العامة، إنني على ثقة بأن معاليه سوف يوجه بدراسة الأمر ومن ثم اتخاذ القرار الذي يحقق المصلحة العامة ويزيل الضرر الناجم عن ممارسة النقل على يد هذه العمالة المتستر عليها فنحن أمام ضرورة قائمة والضرورة كما في القاعدة الفقهية المعروفة «تقدر بقدرها»، وإلى لقاء والسلام.