التفسيرات التي ساقها مسؤولو الانتخابات البلدية عن سبب ضعف الإقبال على التسجيل بعد مرور أسبوعين لقيد الناخبين تدل على سوء فهم خطير لمعنى الانتخابات وبالذات الانتخابات البلدية.. فالانتخابات البلدية ليست سياسة يمكن لأي فرد اتخاذ موقف عام تجاهها.. بل ممارسة شخصية تضمن تقديم خدمات بلدية تليق بالفرد كما يرى نفسه.. وعدم المشاركة يعني أنه لا يرى نفسه جديراً بتلك الخدمات.. ومع هذا فإنني التمس للمواطن العذر في قصور فهمه لمعنى تلك الانتخابات، لكني ألوم المسؤولين الذين لم يولوا التوعية والتوجيه الصحيح للمواطن الاهتمام الذي يناسب الحدث ويناسب الأهمية التي توليها الحكومة للمواطن.
الواضح من الحملة الإعلامية التي أطلقتها اللجنة العامة للانتخابات أنهم يرون أن الانطباع سلبي عن نتائج المجالس السابقة.. لذلك تم التركيز على استعراض إنجازات إنشائية غير مفهومة للمواطن العادي.. والسؤال: هل فعلاً سبب ضعف الإقبال على الانتخابات الحالية هو ضعف نتائج المجالس السابقة؟ هذا ربما أحد الأسباب لكنه بكل تأكيد ليس الوحيد.. بدليل أن آخرين رفضوا الانتخابات بل ودعوا إلى مقاطعتها من خلال صفحات مخصصة على شبكات التواصل الاجتماعي الإلكتروني والكتابة في الصحف اليومية بسبب استبعاد المرأة عن العملية الانتخابية برمتها.. وآخرون لهم مبررات أخرى.
والحقيقة أن كل المبررات لا يمكن أن تجعل الإقبال على التسجيل بهذا الضعف.. فمن المقبول أن تكون نسبة الإقبال نصف النسبة المسجلة في دول العالم المتمرسة في الانتخابات.. لكن أن تكون أقل من (1%) من النسبة العادية فهذا أمر يدل على خلل خطير.. إذاً الأمر إما قصور في أداء العمل أو رفض مجتمعي.. وأنا أقول إن السبب هو إخفاق اللجنة العامة في الاتصال بالناس وفي نشر رسالتها وتوعية المواطن عن ماهية وأهمية الانتخابات.. فكاتب الرأي الذي يعلن أنه لن ينتخب ويدعو الآخرين لعدم الانتخاب ليس جاهلاً ولا متآمراً لكنه أساء الفهم.. والمشكلة أنه اختطف بسوء فهمه العشرات وربما المئات من الذين اقتنعوا بمبرراته دون اختبار.. وعلى فرض أن المجالس السابقة فشلت تماماً.. هل الحل هو ترك الأمر للظروف والصدف للمشاركة في الانتخاب وبالتالي التغيير؟ وعدم مشاركة المرأة هل يلغي أننا في المملكة تقدمنا خطوات واسعة في تحقيق مشاركة المرأة في الحياة العامة..؟ إن هذا التقدم يحتاج إلى الدعم والتحفيز والرعاية وليس القفز الذي يحرق المراحل وربما يحرقنا في طريقه.
لا شك أن الخطاب الإعلامي للانتخابات البلدية خطاب ملتبس أساء للعملية الانتخابية.. فالتعامل الإعلامي القائم مع الانتخابات له أضراره التي لا تقتصر على التنمية بل تجاوزها إلى السمعة الدولية.. فالعزوف عن الانتخابات هو أحد المعايير الدولية المهمة في قياس الرضا المجتمعي عن هذا النوع من الانتخابات.