|
تواصلت جلسات الملتقى السنوي الأول للعلاقات العامة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، والذي تنظمه الجمعية السعودية للعلاقات العامة والإعلان خلال الفترة من 4 إلى 5-6-1432هـ.
واتهم نائب رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الأستاذ الدكتور صالح بن محمد الخثلان في ورقته في الجلسة الأولى: (العلاقات العامة في مؤسسات المجتمع المدني تجربة الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان) القائمين في إدارات العلاقات العامة الحكومية بعكس صورة مشوهة لإداراتهم، وهي نتاج لأنشطة وممارسات لإدارات العلاقات العامة في عدد من الأجهزة الحكومية التي تعكس إدراكاً مشوهاً للقائمين على هذه الإدارات للدور المناط بهم، وأن وظيفة القائمين على هذه الإدارات (تلميع) لصورة الجهاز الحكومي مهما كانت سيئة، مؤكداً أن واقع العلاقات العامة يشير إلى صورة مشوهة ليس فقط عن هذه الإدارات، بل عن مفهوم العلاقات العامة ذاته؛ حيث يغيب هذا الهدف الإيجابي ويسود بدلاً منه الشك تجاه كل جهد ونشاط يمارس في إطار العلاقات العامة، مضيفاً أن الهدف الرئيس لإدارات العلاقات العامة هو بناء جسور من الثقة بين المؤسسة من جهة والجمهور المستفيدين من خدماتها، وكذلك الرأي العام من جهة أخرى، إلا أن استطلاعاً بسيطاً لرأي الإعلاميين - على سبيل المثال - في وظيفة العلاقات العامة سينتهي بلا شك إلى نتيجة سلبية؛ فهي ليست سوى تحسين لصورة الجهاز الحكومي؛ وبأي طريقة ممكنة حتى لو تطلب ذلك تقديم معلومات مغلوطة أو الدفاع عن ممارسات خاطئة.
وأضاف د. إبراهيم بن عبد العزيز البعيز المشرف على الإدارة العامة للعلاقات الجامعية والإعلام أن إدارة العلاقات العامة تُشكّل إحدى الوحدات الإدارية المهمة في الجامعات المرموقة في أوروبا والولايات المتحدة، وعلى الرغم من إدراج هذه الإدارة ضمن الهيكل التنظيمي في الجامعات السعودية، إلا أنها لم تأخذ حقها من الأهمية إلا مؤخراً، كما تناول واقع العلاقات العامة في الجامعات السعودية ودورها في إبراز هوية الجامعة، وفتح قنوات الاتصال والتواصل مع جمهورها الداخلي والخارجي، مستعرضاً بعضاً من العوامل والمتغيرات التي أسهمت في التقليل من أهمية العلاقات العامة ودورها في إبراز دور الجامعة وإنجازاتها العلمية، وختم حديثه بأبرز التحديات التي على إدارة العلاقات العامة تجاوزها قبل أن تأمل في تحقيق رسالتها ورؤيتها.
مكانة مرموقة في الهيكل التنظيمي
وأشارت مسؤولة علاقات عامة وإعلام بجمعية الأطفال المعوقين أ.منى بنت علي الشهري إلى أن العلاقات العامة احتلت مكانتها داخل الهيكل التنظيمي في إدارات العديد من المنظمات الحديثة، وعلى الرغم من تفاوت الاهتمام بها داخل المنظمات، إلا أنها أصبحت من الوحدات الإدارية ذات الأهمية البالغة والحاجة إليها ملحة، فالعلاقات العامة ساعدت على التعددية في اتخاذ القرارات والقيام بالوظائف المطلوبة منه بشكل أكثر فعالية، حتى أصبحت العلاقات العامة ذات أهمية ومكانة خاصة لدى المنظمات في المجتمع المعاصر، وفي ظل هذا الاهتمام، وتواجدها كوحدة إدارية في الكثير من المنظمات، صاحبَها العديد من المشاكل، وتأتي المشكلة الرئيسة، مشكلة التداخل بين العلاقات العامة وبين الوحدات الإدارية والأنشطة الأخرى في المنظمة، والتي كانت نتيجة لبعض الأسباب.
وأوضح مدير العلاقات العامة في الهيئة الملكية للجبيل وينبع الدكتور عبد الرحمن العبد القادر أنه على الرغم من الزخم الهائل الذي تحظى به العلاقات العامة على الصعيدين العلمي والمهني في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت تخصصاً جامعياً مستقلاً، وأُلفت فيها مئات الكتب، وأنشئت لها العديد من الجمعيات، وعُقد من أجلها الكثير من المؤتمرات العلمية المتخصصة، إلا أننا ما زلنا نلمس وبوضوح تلك الضبابية السميكة التي تحيط بالعلاقات العامة باعتبارها أحد مجالات العلوم الإنسانية، وإحدى المهن الهامة؛ لأن العامل الأكبر في وجود تلك الضبابية حول هذا التخصص وتلك المهنة يعود إلى عدة أسباب تتفرع من موضوع هذا الملتقى: (جدلية المفهوم وإشكالية الممارسة).
التشريفات والمجاملات والاستقبال
وأفاد العبد القادر: ارتبط في أذهان البعض أن العلاقات العامة مجرد قسم أو وحدة تُعنى بأعمال التشريفات والمجاملات والاستقبال والقيام بالمهام الإعلانية إلى غير ذلك من المهام الشكلية أو تلك التي ليست من صميم عملها، حيث نتج عن ذلك الحط من قدرها واهتزاز صورتها مما أثّر سلباً في أذهان القيادات العليا للمنشآت، وجعلهم ينظرون إليها بدونية، ونتج عنه عدم وضع العلاقات العامة في موقعها الصحيح في الهيكل التنظيمي، وانتزاع العديد من مهامها وإسنادها إلى إدارات أخرى يقابل ذلك إقحام إدارات العلاقات العامة في مهام ليست من تخصصها.
وشدد أستاذ العلاقات العامة المساعد بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور محمد محفوظ الزهري أن العنصر البشري يُشكل العصب الحساس للمنشأة، فهم أقدر من غيرهم على فهم طبيعة المنشأة وأهدافها، ولهم قوة تأثير كبيرة تعتمد على الإدارة العليا لكسب التأييد وإقناع الجماهير بالخدمات، فالإقناع أصبح في هذا العصر حاجة أساسية تقوم بها كافة المنشآت الحكومية أو الخاصة، بل إن القيادة الإدارية في أي مؤسسة من المؤسسات تحتاج إلى جهاز إعلامي يضم المهرة لإبراز أنشطة المسئولين، إذ لا يكفى إنجاز العمل، بل لا بد من إقناع الجماهير به، وإن الخدمات التي تقدم جيدة، فنجاح المنشأة يتوقف على نجاح القائمين عليها.
معوقات تواجه المرأة
وألمحت أريج بنت إبراهيم الدبيخي إلى أن المرأة العاملة في العلاقات العامة تواجه مجموعة غير قليلة من معوقات ممارستها لنشاط العلاقات العامة، يأتي في مقدمتها، وبحسب آراء أفراد الدراسة، غياب التدريب، وهو ما يحتاج إلى إعادة النظر آليات تطبيقه والاهتمام به، بما يعوض عن النقص الكبير في وجود المتخصصات. كما تبين من المعوقات كذلك إشكالية ضعف الإمكانات، وغياب الحوافز المادية والمعنوية، وهذان المعوقان الخطيران يُعدان نتيجة لغياب التخطيط الذي كشف عنه المحور المتعلق بالتخطيط في هذه الدراسة، وعلى الرغم من تلك الصعوبات التي تواجه المرأة في مجال العلاقات العامة، إلا أن الصورة ليست قاتمة كما قد يتوقع البعض؛ بدليل أن درجة الرضا لدى المبحوثات كانت في مستوى أعلى من المتوسط (المعدل 2.74)، وهو ما قد يفسر بأن النساء اللاتي يعملن في هذا الحقل لديهن الرغبة في ممارسة نشاط ديناميكي وحيوي، غير أنهن يتطلعن إلى إيجاد حلول للصعوبات التي يواجهنها من أجل تطوير أدائهن، وتقديم الأفضل.
المحيط السياسي والدولي
وقدم الأستاذ الدكتور عبد الرحمن العناد عضو مجلس الشورى ورقة بحثية بعنوان: (تطور المفهوم وتجدد الحاجة للعلاقات العامة في ضوء الأحداث التي يشهدها العالم العربي) في الجلسة الرابعة تحدث فيها عن النظرة الجديدة للعلاقات العامة في العالم العربي من حيث مفهومها ومن حيث زيادة الحاجة إليها، وذلك في ضوء ما شهدته بعض بلدان العالم العربي مؤخراً من ثورات واعتصامات واحتجاجات.
وأشار الدكتور نايف بن ثنيان بن محمد آل سعود الأستاذ المشارك في قسم الإعلام بجامعة الملك سعود إلى أن العلاقات العامة لم تعد وظيفة حيوية فقط بالنسبة للمنظمات والمؤسسات الداخلية وإنما تعدت المجال الاقتصادي (التجاري والصناعي) لتصل إلى المحيط السياسي والدولي، ولذلك فمن أجل وضع إستراتيجية علاقات عامة ناجحة على المؤسسة أن تعرف جيداً بيئتها وجماهيرها وقياس كمية المعلومات اللازمة لإقامة هذه العلاقات الناجحة والمتناغمة.
الإنترنت والتحدي القائم
كما شارك أستاذ الإعلام المشارك في جامعة الحدود الشمالية مبارك بن واصل الحازمي بورقة بحثية تحت عنوان: (العلاقات العامة والمسئولية الإعلامية عبر الإنترنت) سلّط الضوء من خلالها على الإنترنت حيث ذكر بأنه أصبح يمثل إحدى الوسائل الاتصالية المهمة لإدارات العلاقات العامة في المؤسسات المختلفة، ولكنه في الوقت نفسه أضحى يمثل تحدياً لممارسي العلاقات العامة في كيفية توظيفه والاستفادة منه. فإذا كانت الإنترنت إحدى الوسائل التي مكّنت ممارسة العلاقات العامة من السيطرة على عملية تدفق المعلومات من المؤسسات إلى الجماهير الأساسية بحرية، فإنه زاد من مسئوليهاتهم تجاه هذه الجماهير في تقديم معلومات متوازنة، خصوصاً أن هؤلاء الممارسين أصبحوا يتحكمون في إنتاج وبث المعلومات عبر مواقع مؤسساتهم على الإنترنت، وسأتناول أهمية الإنترنت كوسيلة اتصال لممارسي العلاقات العامة، كما أتناول المسئولية الإعلامية للمؤسسات كجزء من مسئوليتها الاجتماعية وكتعبير عن ممارساتها الأخلاقية.
تجربة (كاستور) حول التحقق من الانتشار
كما قدَّمت مديرة الأسواق الدولية بمؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر الأستاذة آسبن أمان ورقة عملها تحدثت فيها عن المسؤولية في السوق السعودية: مبادرة نحو الشفافية في المجال الإعلاني.
وتناولت الأستاذة آسبن أمان في ورقة عملها التحديات التي تواجه المعلنين، وواضعي الخطط الإعلانية في ظل عدم التزام وسائل الإعلام بمبدأ التحقق من الانتشار، وغياب بيئة إعلانية شفافة، وتطرقت إلى أن حاجة المعلنين لبيانات يمكن الاعتماد عليها حول توزيع وانتشار ومقروئية المطبوعة بشكل شفاف مضيفة أن مخاطر الإنفاق في وسائل الإعلام لا تلتزم بمبدأ التحقق من الانتشار.
وتناولت آسبن الفوائد التي يمكن أن تحققها المطبوعات التي تخضع للتحقق من الانتشار مستعرضة تجربة (كاستور) حول التحقق من الانتشار في مجال الإعلام بالسوق الإماراتي كنموذج يمكن تطبيقه في سوق الإعلان السعودي.