حين يقدم شخص نفسه كداعية أو شيخ، ويتصدر للوعظ فهو بلا شك يضع نفسه في أعلى مستويات القدوة، وأصبح شخصية عامة، وفي دائرة الضوء والإرشاد.
وفي محاولة لرصد ما يحدث على الساحة حيث يتكاثر انتشار هذه الفئة من المشاهير الجدد في عالم التوجيه والإرشاد، وبالطبع فإن من حقهم -ولا ننكر عليهم- تقديم أنفسهم بالطريقة التى تناسب قناعتهم حتى وإن ظهروا نجوماً وطلاب شهرة.
الا أن الملاحظة التى وجدتها في بحث عبر مواقف عدة، حصلت مع دعاة ومرشدين دينيين خلال الفترة الماضية، ومع ما أثير حول بعض أطروحاتهم وتعليقاتهم من جدل عام خصوصاً ذاك الغريب والشاذ منها، إنه من النادر جداً أن تجد هذا الداعية أو ذاك المرشد الدينى أو طالب العلم -أو الشهرة- المجتهد وقد اعتذر عن موقف، أو فتوى أو رأي أو فكرة، أو تنازل لتوضيحها بنفسه، والنماذج كثيرة.
مثل من أفتى بقتل من يبيح الاختلاط باعتباره مرتداً عن الإسلام، ومن أفتى بتكفير أهل الثقافة والإعلام في البلاد، ومن خطب مستغلاً منبراً لاتهام عام للصحافة بما لايخطر على بال بشر. ومن دعا الموظفات لإرضاع زملائهن!. أو ذاك الذي دعا إلى هدم المسجد الحرام وإعادة بنائه بشكل دائري «لمنع الاختلاط».
أو هذا الذي قال إنه يجب أن لا تخلو البنت مع أبيها، ولا تجلس لوحدها معه وإنما تحرص على أن تكون الأم موجودة أو إخوانها حتى ييسر الله لها وتتزوج!.
هل اعتذر أو تراجع أياً من هؤلاء -مثلا-؟، بل على العكس هناك مكابرة واضحة في المواقف، وتجييش للمريدين والأتباع، وأصبحت «الحكمة «غائبة، والتنازل والاعتراف بقصور الرأي عيب.
حيث العناد والاعتزاز بالنفس، هو ما يجعله ثابت على الخطأ ومبرر له، دون اعتذار أو تراجع. ليكشف منح «البعض» القدسية لأفكارهم وتوجيهاتهم، بما يشبه التنزيه المطلق للرأي وهذا الجهد اللاهث إنما هو للتبرير والتبرير فقط.
على العكس فإن المتتبع للعلماء والمفكرين الكبار في ماضي وحاضر الأمة، يجد أن ثقافة الاعتذار»، والتراجع هي ثقافة الكبار وسلوك الراسخون في العلم، والمتواضعون بمعرفتهم وحضورهم. لكن واعظ الأضواء يأخذه إعجابه بذاته إلى ما يفوق القدرة على الاعتذار المستحق، مع قدرة عجيبة على ممارسة التجاهل للأخطاء أو تبريرها، حيث التراجع بنظره لا يليق بالأضواء والشهرة التي حققوها.
مع أن أكثر الناس اعتذاراً في العالم هم المشاهير في المجالات كافة، وهم من يسارعون إلى تقديم اعتذار أو بيان صحفي توضيحي عن موقف أو سلوك ما إلى جماهيرهم إذا ما تبين لهم الخطأ.
فأين هؤلاء من أولئك؟.
إلى اللقاء