سماحة (الإمام الأكبر) شيخ الأزهر الراحل محمد سيد طنطاوي - رحمه الله - التقيته 6 مرات في حوارات تلفزيونية على مدى سنوات...
كنت أتعلّم منه في كل مرة شيئاً جديداً فهو العالم الجليل بسماحة أفقه وبساطة حديثه وهدوء صوته... على الرغم من اختلاف (مشيخة الأزهر) في رؤيتهم لبعض الأمور عن رؤية (مشايخنا الأجلاء)، إلاّ أنّ (ربعنا من العلماء وفقهم الله وسدّدهم) أكثر التزاماً بالمواقف وثباتاً تجاه القضايا المطروحة وفي (كل خير)، ونحن معشر الإعلاميين (سامحنا الله) نحب أن نحشر (أنوفنا في قضايا الاختلاف دائماً)، لأنها بضاعة رائجة لنا أكثر من الاتفاق...
أعود لدروس الشيخ لي فقد كان (أهمها لي) في آخر يوم من حياته - رحمه الله -، القصة بدأت عندما طلبت مني القناة الفضائية التي أعمل فيها (M.B.C) تغطية حفل جائزة الملك فيصل العالمية التي فاز بها رئيس الوزراء التركي (رجب طيب أردوغان)، فحين وصلت الحفل وقربت من الطاولة التي يجلس عليها خادم الحرمين الشريفين وضيوفه، ومنهم الراحل الذي عرفني عندما أشرت له (بالمايك) ولن أطيل، (فالقصة مصورة وموجودة على اليوتيوب)، حيث قررت عندما رأيت كل القنوات والزملاء الإعلاميين يسعون نحو رئيس الوزراء التركي والفائزين بالجائزة للفوز (بتصريح أو تميز)، قررت حينها البحث عن هذا النجاح والتميُّز في مكان آخر غير تلك الطريقة التقليدية التي يبحث بها زملائي....
فقررت (الفوز والظفر) بحوار وتعليق من (سماحة الشيخ) على هامش المناسبة في بعض الأمور، وكنت الوحيد الذي (التقاه وتحدث معه) وبعدها اعتذر لي عن إكمال الحديث معي، وقال في لقاءات قادمة نكمل (يا ولدي)، وحينها أكملت مهمتي وعدت أدراجي في ساعة متأخرة من الليل، (فنحن الغلابى) نعمل ساعات طويلة من التصوير لينعم المشاهد الكريم بدقيقتين أو ثلاث وهو مستلقٍ أمام الشاشة...
لم أُسلِّم شريط اللقاء تلك الليلة وفي الصباح الباكر اتصل بي الصديق العزيز المذيع علي الغفيلي، ليخبرني أنّ الشيخ مات ولقي وجه ربه وهو يهم بمغادرة الرياض، وأنت آخر من التقى به وتحدث معه و(الدنيا مقلوبة) ومطلوب تكون على الهواء مباشرة خلال نصف ساعة..
طبعاً (سبق صحفي للمحطة وللعبد الفقير لله) رغم ألم وصدمه الخبر... وخرجت دون أن (أغسل وجهي) على المشاهدين في ذلك الصباح الحزين مع الزميلين جلال شهدا (مذيع الجزيرة حالياً) ولُجين عمران، وعقب ذلك خرجت في أكثر من 7 محطات مصرية أتحدث عن ما قاله الشيخ قبل وفاته...
ليُعلمني - رحمه الله - بهذه الحادثة درساً عملياً لن أنساه أبداً، وهو (أنّ النجاح في حياتنا اليومية قد يكون في مكان مختلف عن ما يعتقده وينجذب نحوه الآخرون ...).
وعلى دروب الخير نلتقي.