القراءة هي مفتاح العِلْم والثقافة، ومن ثم التنمية؛ لذلك أنزل ربنا جل علاه سورة العلق على رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم في غار حراء، قَالَ تَعالَى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} (1-5) سورة العلق. ولو نظرنا إلى الواقع الحالي سنجد القراءة منتشرة بشكل كبير في الدول المتقدمة، والعكس بالنسبة للدول النامية. وفي عالمنا العربي لا تحظى القراءة بالاهتمام اللازم، خاصة في الوقت الحاضر.

وفي المملكة نستطيع أن تقول إن حالنا ليس أحسن حالاً من الدول النامية والعربية؛ فلو قارنا القراءة في الوقت الحاضر بما كان في السابق، أي قبل فترة السبعينيات، لوجدنا اختلافاً كبيراً؛ ففي السابق - برأيي الشخصي - كان الشباب يقرأ كل ما يقع تحت يديه من مجلات وصحف وكتب محلية وخارجية من الغلاف للغلاف، ليس التصفح فقط، كما هو حالياً من قِبل كثير ممن يطالعون الصحف أو الكتب.

قد يقول قائل: إن معرض الكتاب الأخير في الرياض، الذي كان بحق ظاهرة تدعو للتفاؤل، قد حقَّق حضوراً كبيراً زاد على ثلاثة ملايين زائر، وإن مبيعاته تجاوزت ثلاثين مليون ريال. وقول: أرجو ألا يكون شراء الكتب فقط للزينة والديكور ووضعها على الرفوف. إن الاطلاع على سِجلات الزوَّار للمكتبات العامة سيُظهر لنا - بكل أسف - أن الزوَّار قليلون جداً.

وسائل تشجيع القراءة:

إنه يجب على كل المدارس والمعاهد والكليات أن تعمل على تشجيع طلابها منذ الصغر على القراءة، وتعويدهم على زيارة المكتبات، وأن تعيرهم كتباً لقراءتها خلال الإجازة الأسبوعية. وأذكر في هذا المجال عندما كنت أدرس في الولايات المتحدة الأمريكية، وابني خالد - حفظه الله - كان في الخامسة من عمره، أدخلناه المدرسة، وفي آخر يوم في الأسبوع يأخذون الطلاب إلى المكتبة، وكان يُحضر معه كتاباً أو كتابَيْن من المكتبة أُعيرت له، رغم أن لغته كانت في البداية ضعيفة جداً، التي - ولله الحمد - أتقنها بلكنة أمريكية فيما بعد بشكل سريع.

وفي دولة قطر خلال زيارتي الأخيرة زرت المركز الثقافي للطفولة، ولاحظت أن من ضمن الأعمال التي يقومون بها تعليم الطفل وتعويده وتشويقه للقراءة وطريقة اختيار الكتب والقصص الملائمة للطفل، كما أجد أن وزارة الثقافة والإعلام عليها دور كبير في هذا الشأن، وذلك بتسهيل حصول الشباب على الكتب، وتفعيل المكتبات العامة بعمل برامج لتشجيع القراءة، وتحديث مكتباتها لتتلاءم مع التطورات التقنية الحديثة.

ولا ننسى رعاية الشباب في هذا الواجب بتثقيف الشباب وتوعيتهم عن طريق الأندية التي تحولت إلى رياضية بل إلى كرة قدم فقط، ونسيت أهم أدوارها الثقافية والاجتماعية. يجب ألا ننسى انفتاح السماء والفضاء وتأثير ذلك على الشباب، سواء ببث الغث - وما أكثره - أو السمين النافع.. فالملاهي الفضائية - مع كل أسف - تدخل بيوتنا بدون استئذان. كما لا ننسى التقنيات ووسائل الاتصال الحديثة كالنت (سلاح ذو حدين)، الذي له أيضاً سلبياته، كما له إيجابياته، وأهمية تحصين شبابنا تربوياً؛ لكي يستفيد من إيجابيات هذه التقنيات الحديثة. والله ولي التوفيق.

- حديث شريف:

قال صلى الله عليه وسلم: «طلب العِلْم فريضة على كل مسلم» رواه ابن ماجة.

- قال ابن القيم الجوزية:

العلم يدخل قلب كل موفَّق

من غير بواب ولا استئذان

ويرده المحروم من خذلانه

لا تشقنا اللهم بالحرمان

- قال طاهر بن محمد الفقيه:

تقرَّب إلى الرحمن بالفقه بالدين

وعاشر عباد الله بالرِّفْق واللين

وكن طالباً للعِلْم بالجهد دائباً

وإن كنت ترجو ذلك بالصين

مستشار إداري واقتصادي

musallammisc@yahoo.com