|
واشنطن - وكالات
قتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في عملية قادتها الولايات المتحدة شاركت فيها طائرات هليكوبتر وقوات برية أمريكية في باكستان أمس الأول الأحد في نهاية لنحو عشر سنوات من الملاحقة لمدبر هجمات سبتمبر أيلول على الولايات المتحدة.
وقال مسؤولون أمريكيون إنه تم العثور على ابن لادن في مجمع تكلف مليون دولار في بلدة ابوت آباد الواقعة على بعد 60 كيلومترا شمالي العاصمة الباكستانية إسلام آباد. وذكر مصدر على دراية بالعملية أن ابن لادن أصيب في الرأس.
وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما مساء الأحد في كلمة مثيرة دعي إليها على عجل في البيت الأبيض وأعلن خلالها قتل الرجل المسؤول عن هجمات 11 سبتمبر عام 2001 التي أدت إلى مقتل نحو ثلاثة آلاف شخص «العدالة تحققت». ويعد مقتل ابن لادن الذي أكده مسؤولون باكستانيون ضربة رمزية قوية على الأقل للقاعدة التي شنت هجمات دامية في مدن غربية وعربية كثيرة والتي تواجه حملة عالمية ضدها أضعفتها لكنها ما زالت تشكل خطراً على عديد من الدول.
وقد يجد أوباما من السهل عليه الآن أن ينهي الحرب في أفغانستان المستمرة منذ نحو عشر سنوات والتي بدأت عقب هجوم سبتمبر على واشنطن ونيويورك. لكن عملية قتل ابن لادن قد تعقد العلاقات مع باكستان المتوترة بالفعل بسبب الهجمات التي تشنها طائرات بلا طيار في غرب البلاد وسجن متعاقد مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي.اي.ايه) المتهم بقتل رجلين باكستانيين.
وأقر مسؤول أمريكي بأن السلطات الباكستانية أبلغت بتفاصيل الغارة بعد حدوثها.
وسيشكل الكشف عن وجود ابن لادن في مجمع فخم ضغوطاً على مسؤولين باكستانيين ليفسروا كيف عاش زعيم تنظيم القاعدة في رفاهية نسبية على مسافة ليست بعيدة من إسلام آباد. وكان المجمع الذي يعيش فيه ابن لادن قرب أكاديمية لتدريب الجيش الباكستاني وعلى مبعدة أقل من ساعتين بالسيارة من إسلام آباد.
وقال المحلل الأمني امتياز جول «سيكون هناك الكثير من التوتر بين واشنطن وإسلام آباد لأن ابن لادن فيما يبدو كان يعيش هنا بالقرب من إسلام آباد». وأضاف: «إذا كانت المخابرات العسكرية الباكستانية كانت تعلم فلا بد أن أحداً بداخلها سرب المعلومة». وقال مسؤولون أمريكيون إن القوات الأمريكية عرفت طريقها إلى المجمع في ابوت آباد وهو مبنى كالحصن من ثلاثة طوابق بعد أكثر من أربع سنوات من تعقب أحد حاملي رسائل ابن لادن الموثوق بهم الذي قال مسؤولون أمريكيون إن شخصيته كشفت بعد أن تعرف عليه عدد من الرجال اعتقلوا عقب هجمات 11 سبتمبر.
وقال مسؤول أمريكي رفيع في إفادة صحفية للصحفيين في واشنطن «تعرف محتجزون على هذا الرجل بوصفه واحداً من حملة رسائل ابن لادن القليلين محل ثقته. وأشاروا إلى أنه ربما يعيش مع ابن لادن أو يخضع لحمايته».
وذكر مسؤولون أنه تم العثور على ابن لادن أخيراً بعد أن اكتشفت السلطات في أغسطس آب عام 2010 أن هذا الرجل يعيش مع شقيقه وأسرتيهما في مبنى غير عادي في باكستان وسط إجراءات أمنية مشددة.
وقال مسؤول رفيع في الإدارة الأمريكية «حين رأينا المجمع حيث يعيش الشقيقان ذهلنا حين رأيناه: إنه مجمع فريد من نوعه». وقال مسؤول آخر من الإدارة الأمريكية «الخط الفاصل في تحليلنا هو أننا كنا على ثقة من أن المجمع يعيش فيه هدف إرهابي ذو قيمة عالية. الخبراء الذين عملوا في هذه القضية لسنوات رأوا أن هناك إمكانية كبيرة بأن الإرهابي المختبئ هناك هو أسامة بن لادن».
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية أنه يعتقد أن ثلاثة أشخاص بالغين قتلوا إلى جانب ابن لادن في العملية من بينهم ابن بالغ لزعيم تنظيم القاعدة.
واستغرقت عملية الهجوم على بن لادن 40 دقيقة. وذكر مسؤولون أن طائرة هليكوبتر أمريكية فقدت نتيجة عطل فني وأنه تم إنقاذ طاقمها والقوة المهاجمة التي تقلها. وأعلن أوباما أن العملية لم تؤد إلى مقتل أي أمريكي وأن القوات الأمريكية حرصت على تفادي سقوط ضحايا مدنيين.
وقال ناصر خان وهو من سكان بلدة ابوت آباد تابع المعركة وهي تتكشف أمام عينيه من سطح منزله: «بعد منتصف الليل كان عدد كبير من قوات الكوماندوس تطوق المبنى وحلقت فوقه ثلاث طائرات هليكوبتر. وفجأة حدث إطلاق نار من الأرض صوب طائرات الهليكوبتر. كان هناك إطلاق كثيف للنيران ورأيت طائرة هليكوبتر تتحطم».
وقالت السلطات أن مخبأ ابن لادن الذي بني عام 2005 كان أكبر من المباني الأخرى في المنطقة ثماني مرات وكان محاطاً بأسوار ارتفاعها يتراوح بين 12 و18 قدماً فوقها أسلاك شائكة ولديه حوائط داخلية إضافية لمزيد من الخصوصية والدخول إليه من بوابتين عليهما حراسة مشددة. وليس للمبنى شبكة اتصال هاتفية أو خاصة بالإنترنت.
وقال الرئيس الأمريكي إن المعلومات التي ظهرت في أغسطس آب من العام الماضي هي التي ساعدت في نهاية المطاف على تعقب ابن لادن. وذكر مسؤول أمريكي كبير أن أوباما أعطى الأمر النهائي بالقيام بالعملية صباح يوم الجمعة الماضي.
وقال أوباما: «الولايات المتحدة قامت بعملية قتلت أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي المسؤول عن قتل آلاف الرجال والنساء والأطفال».
و قال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأمريكية أمس إن صلاة جنازة أقيمت لابن لادن على متن حاملة الطائرات كارل فينسون في بحر عمان، وذلك عملاً بإحكام الشريعة الإسلامية، قبل أن يتم إلقاء جثته في البحر.
وقال هذا المسؤول لصحافيين رافضاً كشف هويته إن الصلاة استغرقت خمسين دقيقة.. وأكد أنه تم الالتزام بالإحكام المتبعة في صلاة الجنازة الإسلامية. وأوضح أنه تم غسل جثة بن لادن ثم وضعت في كفن أبيض وضع بدوره في كيس مثقل. وقد تلا ضابط الصلاة التي قام مترجم بتعريبها.
ثم وضعت الجثة على قاعدة ألقيت منها الجثة في المحيط. بدوره أدان أحمد الطيب شيخ الأزهر أمس كيفية تخلص القوات الأمريكية من جثة أسامة بن لادن بإلقائها في البحر ووصف ذلك بأنه إهانة للقيم الدينية والإسلامية.. وأضاف بيان الأزهر أن ذلك يتنافي مع كل القيم الدينية والأعراف الإنسانية. وأكد أنه لا يجوز في الشريعة الإسلامية التمثيل بالأموات مهما كانت مللهم ونحلهم فإكرام الميت دفنه.