قالت لي ذات يوم، وبألم بالغ، إنها تعشق زوجها لكنه لا يكاد يشعر حتى بوجودها، لا يحس بها ولا بألمها، تريده أن يُغيّر طريقته معها، أن يُشعرها بجمال الدنيا بوجوده، بلمساته، بتصرفاته ... كم تمنّت أن يُفاجئها بهدية رمزية أو وردة عطرية، كم تمنّت أن يفتقد وجودها إنْ هي غابت، أن يغار عليها ولو رسماً للرجولة، أن يُسمعها كلمة حب ولو بسيطة .. لكنه يتجاهلها عاطفياً ويوجع كرامتها، وهو لا يدري أو يتغافل .. وهما لم يعتادا على الكلام والتفاهم !
كانت تتحدث وتفضفض وأنا غارقة في صمتي، سارحة بأفكاري، فأنا لا أريدهم أن يعرفوا .. أخاف على حبي من عيون الناس، لا أريدهم أن يعرفوا أنك تبادلني حبي بحب أكبر، احتراماً باحترام، إحساساً رقيقاً بأحاسيس غامرة، تبادل رقيي في تعاملي معك برقي من يقابل الإحسان بالإحسان، تُطفئ نار غيرتي باحتوائك، وأقابل غيرتك برمي الدنيا وراء ظهري وتحصني بأحضانك..
لا أريدهم أن يعرفوا أنك تقابل كرم مشاعري بكرم أكبر في نفسي وروحي، أنك تقابل عطائي اللامحدود باندفاع أكبر في العطاء، لا أريدهم أن يعرفوا أننا زوجان ناضجان، نتعايش ونتفاهم، نضحك ونمرح، نحب ونعشق بجنون، ونشترك في كل شيء ...أننا تعاهدنا على الوفاء، والتزمنا بالصدق والإخلاص...
لا أريدهم أن يعرفوا أننا أدمنا حبنا، ولا نقوى على البعد، لأننا وبكل بساطة لا نستطيع مغادرة أرواحنا أو إهمالها...
لا أريدهم أن يعرفوا أنني توّجتك ملكاً على قلبي، واختصرت الرجولة في ذاتك، وأنك توّجتني أميرتك المدللة، وملكة لياليك...
لا أريدهم أن يعرفوا أنك حياتي التي أحياها بنبض وحرص عليك، وأنك تحبني، وتخاف عليّ من النسمة الرقيقة إن تجرّأت وحاولت الاقتراب مني ... وأنني أحتمي بظلك...
بل أريدهم أن يعرفوا أنّ الحب والزواج يحتاجان إلى قلوب تفيض بالمودة والرحمة، ولا يستمران مع القلوب القاسية كالحجارة وأشد...
حقاً كم هو موجع ... استجداء الحب !
- الرياض