برغم أن مجلس الوزراء قد أقر تحديد الأسعار عامة عام 1374هـ، وكذلك عام 1395هـ وأسند مسؤوليتها إلى وزارة التجارة؛ إلا أنه في ظل هذه الارتفاعات المتتالية التي تسجلها المطاعم العاملة في السوق يقف المستهلك حائرا عند كل حادثة أو شكوى من ارتفاع تسعيرة الوجبات الغذائية في المطاعم ولا يدري أين يذهب؟! حيث إن وزارة التجارة أخلت مسؤوليتها من مراقبة التسعيرة، وألقت بالمهمة على البلديات. وقد أوردتْ ذلك في سياق توجيهاتها أثناء الاتصال برقمها المجاني المخصص للتبليغات!
وكان جديرا بالمسؤولين توضيح صلاحيات كل جهة حكومية ليتسنى للمستهلك معرفة الطرق التي يسلكها لتقديم شكواه. وحين الرجوع للنظام نجد أن مسؤولية البلديات تنحصر في منح التراخيص للمطاعم والمطابخ ومراقبة زيادة الأسعار المحددة دون إقرارها في الأساس، وكذلك مخالفة تجاهل وضع تسعيرة المنتج على البضاعة المعروضة. بينما ترى وزارة التجارة إضافة بند (تولي البلديات مراقبة أسعارها) دون وضع التسعيرة الأساسية حتى يعرف المستهلك الأصل من الزيادة.
وهذا الإجراء يعارض أنظمة البلديات التي تتدخل في المراقبة دون التسعيرة كونها تختص بالتجار والمستهلكين. ولو عدنا لعدد مراقبي البلديات لدهشنا من ضآلته أمام هذا الحشد من المطاعم والمحلات التجارية الأخرى فضلا عن ضعف صلاحيات المراقبين، وتدني مستوياتهم التعليمية حتى أن بعضهم لا يكاد يـُقرأ خطه، إضافة لقلة رواتبهم وتجاهل ترقيتهم وعدم منحهم مكافآت لقاء ما يجدونه من مخالفات وما يكشفونه من تجاوزات.
ولأن المستهلك يهمه في الدرجة الأولى الالتزام بالتسعيرة المحددة فهو يطالب بضبطها وفرض العقوبات الصارمة على المخالفين لاسيما بعد القرارات السامية بصرف راتب شهرين إضافيين فقط للموظفين، إلا أن المطاعم عادة تستمر بالزيادة دون وجود مبرر لذلك.
ولأن المسؤولية مفقودة بين الجهات الحكومية فلابد من أن يقوم المواطن الواعي بدوره تجاه نفسه وباقي المواطنين عن طريق التعاون والمساندة والرفض لكل زيادة غير منطقية. ولم أجد مثل المقاطعة عقابا لكل من يفكر في زيادة السعر أو يشرع بها، ولو أدى الأمر للاعتماد على النفس بالقيام بالطبخ وتحضير الوجبة، أو الاكتفاء بالوجبات المعدة مسبقا ولو مؤقتا أو التوجه لمطاعم بديلة وغير مشهورة. ولو لم تجد تلك المطاعم زبائن يصرفون ما في جيوبهم على بطونهم ولا يفاوضون في الأسعار أو يحتجون ويرفضون المبالغة؛ لما رأيناها تنتشر بهذه الكثافة والفوضوية لدرجة أن يتوقف السير في بعض الشوارع بسبب الازدحام، ولما تمادى أصحابها من المتستَر عليهم غالبا وعمالها الوافدين في رفع التسعيرة بشكل صاروخي حتى تجاوزت وجبة الأرز مع دجاجة واحدة أكثر من ثلاثين ريالا برغم أن سعرها قبل الطبخ لا يتعدى ثمانية ريالات للكميات القليلة، ناهيك عن الكميات التجارية أو الفاسدة أو التي في طريقها للتلف!! ولا أخالكم تجهلون كيف يتلاعب الأجانب بصحتنا وجيوبنا باعتبار أن (سعودي يحب أكل، سعودي ما فيه معلوم) لأن السعودي تسحره الروائح والمنكهات والبهارات ويتجاوز عما هو أهم كطريقة إعداد الوجبة وفائدتها!
وإلى أن تفيق وزارة التجارة من سباتها، وتنهض وزارة البلديات بمسؤولياتها، ويستيقظ المواطن من غفوته أرجو أن يتولانا الله برحمته!
rogaia143@hotmail.com