تأليف: حمود بن متعب بن سعد بن عفيصان
قراءة حنان بنت عبدالعزيز آل سيف (بنت الأعشى)
منذ فَجْر التاريخي العربي وعهد التجارة العالمية والخليج العربي هو القابض على صمام هذا التاريخ، وتيك التجارة؛ وذلك بسبب موقعه الجغرافي المتميز والمهم، الذي تتقاطع من خلاله خطوط تجارية رئيسية شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً. وقد حرص ملوك دول الخليج العربي على تسيير الحملات تلو الحملات لمد مظلة وقوة الدعوة السعودية - حفظها الله - ومن ثم نشر دعوتها الإسلامية الإصلاحية المباركة.
وبين يدي كتابٌ فيه جد نفائس، ومكتوب فيه جد ذخائر، ومنصف فيه جد فرائد.. وقد أسلفتُ لك عنوانه ومؤلفه، وبين ناظري الطبعة الأولى لعام 1429هـ - 2008م، وهو من إبداع دار المأمون للتراث، سوريا، دمشق - عمَّرهما الله -. ومن جميل الهدف التاريخي من وراء هذا المؤلَّف ما جاء على لسان مؤلِّف الكتاب - أسمع الله قوله -: «من أبناء نجد الذين كانت لهم إسهامات يذكرها التاريخ في معارك التوحيد تحت لواء آل سعود رجال من أسرة آل عفيصان، نخصهم بصفحات كتابنا هذا بما كان لهم من دور بارز وكبير في مد نفوذ الدولة السعودية إلى أطراف الخليج العربي في الدولة السعودية الأولى والدولة السعودية الثانية، ولا يسعنا عبر صفحات كتابنا هذا أن نلم بدور هذه الأسرة من أمراء البلدان وقادة الجيوش في مسيرة الدولة السعودية؛ لذا فإن ما نتعرض له من سيرة آل عفيصان في الخليج العربي، وليس كل الجهود التي قدمها آل عفيصان في أرجاء الجزيرة العربية؛ فهذا مما يضيق المقام عن حصره أو حتى ذكره في هذه الصفحات. ولعله يجدر بي أن أشير هنا إلى أنني لم أُحصِ كل ما ورد في المصادر عن دور لآل عفيصان في الخليج العربي، وأن ما أضعه بين يدي القارئ الكريم هو ما استطعت الحصول عليه حتى الآن من تلك السيرة التي أؤمل أن أتمكن في قادم الأيام من الوصول إلى فصولها الغائبة المتناثرة في عدد من المراجع والوثائق داخل المملكة وخارجها. ولأن شهادتي مجروحة في حق آل عفصان فقد آثرت أن أعوّل في دراستي تلك على النقولات التاريخية الموثقة الثابتة حتى لا يخالج القارئ الكريم شك بأنني أحابي أجدادي، وإن كان واقع الأمر أنني لم أوفّهم حقهم». من خلال حديث المؤلف السابق ينبعث لنا شفافية إهداء الكتاب التي جاء فيها: «إلى أرواحهم التي غادرت سماء الوطن، قبل أن تجني شيئاً من قطافه التي روتها دماؤهم.. أسأل المولى الكريم أن يرزقهم من ثواب الآخرة ما يكون خير عزاء لهم عن ثواب الدنيا». هذا، ويطرح الكتاب محاور أساسية مهمة جداً كـ:نسب أسرة آل عفيصان، السلَمية من بلدان الخرج، وآل عفيصان هم أمراؤنا، والتطرق لأقوال المؤرخين في أسرة آل عفيصان، والتتبع الدقيق، والنفس الطويل في تقصي أطوار الدولة السعودية الثلاثة، مع الإشارة إلى تولي أسرة آل عفيصان - سلمهم الله - بعضاً من المدن التي تضمها بين جناحيها، وتظلها بين دفتيها كالخرج - على سبيل المثال - وعنيزة، وبريدة - حرس الله الجميع. وأول من وطئقدماه من آل عفيصان الأحساء هو أمير الخرج سليمان بن عفيصان، وحروب القائد الشجاع الهمام سليمان بن عفيصان تتميز بالدهاء والشجاعة والبسالة والبطولة:
لكل امرئ من دهره ما تعودا
وعادات سيف الدولة الطعن في العدا
***
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارم
ويعظم في عين الصغير صغارها
وتصغر في عين الكبير العظائم
ويطرق الكتاب أبواباً عدة، أو مطارق شتى، من ذلك ما قاله الدكتور عبدالرحمن الحصين عن وفاة الإمام إبراهيم بن سليمان بن عفيصان، وهذا الإمام كانت له مكانة مرموقة عند الملك عبدالعزيز آل سعود - طيب الله أثره وثراه -، والإشارة من قلم المؤلف الفاضل إلى أخطاء وقع فيها بعض المؤرخين، وكانت الإشارة النقدية لهذه الأخطاء تقوم على التحري الدقيق مثل نسبة ملكية القصر لابن عفيصان أمير الأحساء. هذا، ويحفل الكتاب بخطابات موثَّقة مكتوبة باليد وممهورة بالأختام الرسمية، ويحرص المؤلِّف على دقة الوثائق التاريخية ثم سياق ترجمتها، ويحفل الكتاب بالشعر النبطي الجميل، وأخيراً ثراء كشافات الكتاب وما فيه من غنى وغناء.
نفس عصام سودت عصاما
وعلمته الكر والإقداما
وصيرته بطلاً هماماً
حتى علا وجاوز الأقداما
عنوان المراسلة: ص ب 54753 - الرياض 11524- فاكس 2177739hanan.alsaif@hotmail.com