يُخطئ مَنْ يظن أو يعتقد أن الآخرين على استعداد للدفاع عنه وحمايته من طمع الأعداء دون أن يحصلوا على ثمن.
ويُخطئ أكثر مَنْ يعتمد على الآخرين في تأمين الدفاع عنه حتى وإن كان قادراً على دفع الثمن، خاصة إذا كان الثمن ضمن أُطر المصالح المادية دون المساس بالثوابت السيادية والسياسية.
قد تضطر الدول إلى الدخول في تحالفات لتأمين أمنها الوطني وتحصين أراضيها وحماية مصالحها، خاصة في ظروف اندلاع الأزمات والحروب الإقليمية التي تأخذ كثيراً من الدول على حين غرة، إلا أن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر طويلاً، ولا يمكن أصلاً أن يستمر؛ لأن طبيعة الأحداث التغيُّر، ولا يمكن الثبات على وضع الاتكالية، خاصة في مجال حيوي هو الأمن الوطني.
ومنظومة دول الخليج العربي مرَّت بهذه المرحلة، خاصة إبان احتدام الحرب العراقية الإيرانية، ونشوب ما سُمِّي آنذاك بحرب استهداف ناقلات النفط التي كانت تنقل نفط الكويت خاصة، وهو ما دفع المسؤولين في دولة الكويت إلى عقد تحالفات مع الدول الكبرى تسمح برفع أعلام تلك الدول لحماية ناقلات النفط الكويتية.
تلك المرحلة فرضت مناخات التوتر العسكري وسياسي على مجمل العلاقات الدولية، وبخاصة دول المنطقة مع الدول الأخرى.
تلك مرحلة فرضتها الظروف، إلا أنها كانت أيضاً حافزاً لهذه الدول لئلا تظل رهينة التحالفات؛ حيث نبهت ما شهدته المنطقة من حروب إلى معالجة القصور الذي وضحت أخطاره إبان تلك المرحلة، وهو ما جعل دول المنطقة تعيد صياغة سياساتها، خاصة السياسات الأمنية والدفاعية؛ حيث لاحظ المهتمون بشؤون المنطقة أن دول الخليج العربي أقامت شبكة قوية من الدفاعات، وأعادت بناء قوات مسلحة بمستوى التحديات التي تواجهها المنطقة.
وهكذا أصبح من الخطأ أن يجري الحديث عن أن العلاقات الخليجية مع الدول الأخرى تعتمد على إمكانية تولي تلك الدول مهمة الدفاع أو حتى حماية دول الخليج العربي.
نعم، هناك اتفاقيات وتحالفات أمنية بين بعض دول الخليج العربي ودول كبرى لها مصالح تتطلب وجوداً عسكرياً وأمنياً لها، إلا أن هذا النهج والأسلوب ليس هو السائد والمعتمد عليه في دول الخليج العربي التي أصبحت - وهذه حقيقة - قادرة على الدفاع عن أمنها الوطني ودولها بكفاءة وبقدرة.
JAZPING: 9999